خاص - رنا حسن
بدأت القصة بالكثير من الحب لقريته معلولا ولغتها الآرامية المقدسة، ومع الوقت ترجم إلى اهتمام بكل تفاصيلها وعمل متواصل لوضع أسس لغوية وعلمية وثقافية يمكن لاحقاً البناء عليها وإنتاج أعمال أدبية تسهم في حفظ هذا التراث الثقافي الإنساني وإغنائه.
معلولا... تلك المدينة التي نحتت في الصخر ..معلولا التاريخ والقداسة، ذلك المكان الذي استمد قدسيته من ارتباطه بالسيد المسيح ولغته، أكد ابنها ريمون وهبي لموقع المغترب السوري أنه " منذ سنوات وضعت لنفسي هدفاً واضحاً يتمثل بالإسهام بالحفاظ على اللغة الآرامية" مضيفاً أن "هذا الهدف كان الحافز المباشر لي والدافع الذي جعلني أسهر الليل على دراسة هذه اللغة بشكل أكاديمي حيث حصلت على الماجستير في الآداب والعلوم الإنسانية – قسم اللغات الساميّة، في جامعة هايدلبيرغ الألمانية، ولم أكتفي بذلك بل قررت أن أغوص في أعماقها لأستخرج تلك اللآلئ المطموسة والمخفية فيها"
ويتابع وهبي "بعد عودتي إلى سورية كان همي أن أبدأ بالتأسيس لحلمي وعملت على بناء أرشيف لغوي وفوتوغرافي عن قريتي الحبيبة ودرست واقعها".
وأشار وهبي إلى أنه اختار اسم " يَونا " الآرامي ليطلقه على كل ما ينتجه من أعمال أدبية، لما يحمله من معاني إنسانية كبيرة، فكما أن اليمامة أو الحمامة هي رمز للسلام والمحبة، كذلك هي اللغة الآرامية لغة السلام والمحبة.
أما عن الهدف من "يونا" أكد وهبي أن الهدف الأساسي هو الحفاظ على اللغة الآرامية وتعليمها للأجيال الجديدة باستخدام منهاج دراسي حديث والتعريف بتاريخها الضارب في القدم، وتشجيع المتحدثين بها والذين يقل عددهم بشكل متسارع وخطير، خاصة بعد تشتتهم"، مضيفاً أن الهدف الثاني هو نشر معلومات دقيقة وموثقة عن بلدته معلولا.
وتابع وهبي حديثه عن "يونا" مؤكداً أنها سلسلة اعتمد في إعداد محتواها على كتب لجامعات ومعاهد عالمية كاوكسفورد وكامبريدج وغوته وغيرها، فترتيب الأفكار والمواضيع في كتبهم مدروسة ومجربة على مدى سنين كثيرة، وبالطبع قمت بالتعديل عليها بما يتناسب مع لغتنا الآرامية وقواعدها، وأرفقت الدروس بلمحة ثقافية قصيرة تمكن الطالب من فهم السياق الإجتماعي للغة".
ويسهب وهبي "اللغة الآرامية المقدسة هي لغة السيد المسيح ولغة الإنسان السوري القديم، فكل جملة سورية عامية تحوي في طياتها جذراً أو تصريفاً أو لاحقة أو تعبيراً آرامياً، كما أن معظم أسماء القرى في بلاد الشام آرامية الأصل" مضيفاً هذه اللغة التي عمرها آلاف السنين وصلت أوج تألقها في الألفية الأولى قبل الميلاد عندما أصبحت لغة العالم القديم فهي جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي السوري والتراث الإنساني العالمي، وعلينا جميعاً العمل بشكل جدي للحفاظ عليها، فمن يتخلى عن لغته يخسر تاريخه وهويته نحن نتحدث اللغة العربية ونتقنها ونعتز بها لكن هذا لا يعني أن ننسى لغة آبائنا وأجدادنا ونتركها في مهب النسيان.