شارك
|

دير "مار إليان" الشّيخ النّاسك في صحراء القريتين

تاريخ النشر : 2015-08-24

القريتين مدينةٌ قديمة ترقى إلى نحو الألف الثالث قبل المسيح.

ودعيت بهذا الاسم لأنها تعني المدينتان الأولى واسمها الآرامي "حصر عينان" وتعني مجمع العيون أما اسمها الأقدم كما يقول بعض المؤرخين وهو سومري " نُزالة" أما في زمن الرومان فقد دعيت "قِرّادى", والثانية اسمها الآرامي "عيناتا" وتعني عين الماء .

 

تقع مدينة القريتين في قلب البادية السورية، على الطريق بين دمشق جنوباً وتدمر في الشمال الشرقي، مروراً بقصر الحير الغربي والسد الروماني "خربقة".

ومن جهة الغرب حوارين وحمام أبو رباح وصدد إلى مدينة حمص.

 

وهي تشكل محطة هامة في الطريق لقوافل التجار والحجاج العابرين على هذا الطريق بين بلاد ما بين النهرين والبحر المتوسط، الكتابات التي وجدت في حفريات مدينة ماري والتي نعود على العام 2500-2600 ق.م تحكي عن تجارة تمر عبر القريتين من جزيرة قبرص ومصر نحو الغرب عبر مدينة "قطنة" شمال حمص حتى ماري في الشمال، ثم تتجه إلى الشرق.

 

إن غزارة ينابيع المياه الطبيعية العذبة والتي تجاوز عددها الاثنان والعشرون نبع ماء كانت العنصر الأساسي لنشأة الحضارة واستيطان الإنسان فيها، ما تبقى من هذه الينابيع التي جفت رويداً رويداً في النصف الثاني من القرن العشرين هو واحةٍ طبيعية من ينابيع ماء تشكل بحيرةً صغيرة تحيط بها غابة من أشجار متنوعة وهي ما نسميها اليوم بـ"وادي العين"، ومنها تجري المياه عبر قنوات نظمها الفلاحين لتسقي أراضيهم التي زرعت منذ قديم الزمان واشتهرت بكرومها و سيجت بالرمان والتين. ولا يزال الفلاحين في المنطقة ينظمون توزيع الحصص للماء على الحساب الروماني.

 

القريتين سكنها منذ القديم قبائل آرامية من رعاة الغنم إلى جانب قبائل أخرى عربية. وقد ورد ذكر القريتين باسم "حصر عينان" في الكتاب المقدس سفر العدد(34/7-9)" يكون لكم التخم الشمالي من البحر الكبير تخطون حدّاً إلى جبل هور ومن جبل هور تخطون حدّاً إلى مدخل حماة وينفذ إلى صدد ثم يخرج إلى زفرون وينتهي عند حصر عينان" , كما في سفر حزقيال (48/1)" وتمتد من البحر بطريق حتلون إلى ليبو حماة وحصر عينون من جهة دمشق نحو الشمال قبالة حماة".

كان أهل المنطقة من الوثنيين عبدة إله الشمس" بلّ- حدد". ثم اعتنقوا النصرانية منذ فجر المسيحية على يدّ توما الرسول الذي مرَّ منها في طريقه إلى الهند ومما يدل على ذلك وجود أقدم كنيسة على اسمه ورد ذكرها في بعض الكتابات المخطوطة منذ القرن التاسع الميلادي. وبقي شعب المنطقة كلها محافظاً على إيمانه المسيحي حتى في عهد الإسلام الذي أوصى بحماية المؤمنين و...وهناك شاهد حجري يشكل العتبة العليا الداخلية لبوابة دير مار يوليان الأثري، عليها كتابة عربية بالخط الكوفي تعود إلى سنة 387 هـ في عهد الخليفة سيف الدولة الحمداني، ومضمونها تحذير البدو وكل من يريد إلحاق الأذى برهبان الدير العامر في ذلك الوقت وزوّاره.

 

في القرن الخامس الميلادي كانت القريتين أسقفية وكانت تابعة لبطريركية أنطاكية وحضر أسقفها المجمع الخلقدوني سنة 451م.

 

دير مار اليان شاهد كما وبقايا الخرب لكنائس أو مواقع مسيحية مثل حوارين التي نجد فيها سبع كنائس ودير تعود إلى حوالي القرون الخامس-السادس الميلادي، إلى أهمية الوجود المسيحي منذ القرون الأولى للمسيحية في المنطقة.

 

هذا الوجود مستمر حتى اليوم في مدينة القريتين وصدد والحفر والفحيلة، وجود لمسيحيين سريان (أرثوذكس وكاثوليك).


عدد القراءات: 13240

اخر الأخبار