شارك
|

بصرى الشام .. أهم المدن الأثرية في التاريخ

تاريخ النشر : 2022-05-21


تتبع مدينة بصرى الشام  التاريخية الى محافظة درعا في سورية و تقع بصرى، عاصمة منطقة حوران الخصبة، على بعد .١٤ كلم من جنوب دمشق، في نهاية طرق القوافل القادمة من شبه الجزيرة العربية وملتقى طريق من ساحل البحر الأبيض المتوسط ‏و كانت بصرى عاصمة دينية ومركزاً تجارياً هاماً وممراً على طريق الحرير الذي يمتد إلى الصين ومنارة للحضارة في عدة عصور تعود لآلاف السنين.
 و تعتبر ‏مدينة بصرى القديمة موقع أثري يقع في مدينة بصرى و تحتوي  على مآثر من الحضارات الرومانية والبيزنطية  وحافظت  على بقايا مسرح روماني محفوظ جيدًا من القرن الثاني، بالإضافة إلى أنقاض الآثار المسيحية القديمة والعديد من المساجد ، من بين أقدمها في العالم العربي الإسلامي. كانت عاصمة المقاطعة العربية للإمبراطورية الرومانية ، ثم مرحلة مهمة على الطريق نحو مكة. أدرجت مدينة بصرى القديمة منذ عام ١٩٨٠على قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو.
 ‏أقيمت المدينة على هضبة بازلتية من الصخر الأسود الذي استخدم في عمليات البناء منذ أقدم العصور، هذا الصخر يتحول إلى أرض طينية غنية صالحة للزراعة.

عرفت المدينة فترة طويلة من الازدهار والرخاء وذُكرت بصرى منذ القرن الرابع عشر ق. م. على لوحات تل العمارنة تحت اسم بصرنا، مؤكدة بذلك على إقامة علاقات دبلوماسية مع المصريين والفينيقيين وسلالة الأموريين. ثم ذُكرت المدينة في كتاب المكابيين في القرن الثاني ق. م. باعتبارها العاصمة القديمة لشمال المملكة النبطية، كانت بصرى تتيح المتاجرة مع العالم الروماني.


و مدينة بصرى مدينة رومانية في الشرق حيث تم ضم مدينة بصرى إلى الإمبراطورية الرومانية عام ١٠٦ تحت اسم  "كولونيا بوسترا" ثم أصبحت عاصمة المقاطعة العربية الرومانية وشُيد المسرح الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني، على الأرجح، ابتداءً من عهد تراجان ثم تم تحصينه بين ٤٨١ و١٢٥١ وهو ما ساهم دون شك، في حفظه بحالة استثنائية. وأكمل زخرفة معالمها مخيم عسكري ومجموعة حمامات أثرية ومدرّج وميدان لسباق الخيل وقناة مائية وسبيل للمياه وتحيط بالمدينة عدة مقابر أقيمت على طول طرق السير.
عرفت بصرى ذروتها خلال الحقبة البيزنطية لعبت بصرى دورًا كبيرًا كسوق لتزويد القوافل العربية.
و بقيت بصرى مأهولة وسليمة لأكثر من ٢٠٠٠ عام تقريباً وترك فيها الأنباط والرومان والبيزنطيين والأمويين والعباسيين والأيوبيين والمماليك آثارهم، وهي بذلك متحف استثنائي الحفظ للأشكال المعمارية، ما يجعلها متحفًا حقيقيًا في الهواء الطلق يربط بين أهم الأحداث في تاريخ الأفكار والمعتقدات
تتصف المدينة ذات التخطيط الهلنستي بتكوين شطرنجي على شكل مربع تقريباً، تتموضع في منتصف كل ضلع من أضلاع المربع بوابة، ويخترق المدينة شارع رئيسي يسمى "كاردو" على جانبيه أروقة ظليلة، يتقاطع معه شارع رئيسي آخر ، وينتصب عند نقطة تقاطع الشارعين صرح معماري مؤلف من أربعة أعمدة يعرف باسم "المصلبة" أو "التترابيل"، كما تتعامد شوارع فرعية مع الشارعين الرئيسيين لتحصر في ما بينها مساحات مربعة أو مستطيلة من الأراضي التي تقوم عليها الدور والمنازل والمباني الرسمية.


ومن أهم المباني العامة التي تبرز معمارياً في المدينة الرومانية المعبد الرئيسي والمعابد الصغيرة والحمامات العامة والمسرح وقصر الحكم و كاتدرائية بصرى ومن أهم المباني العامة التي تبرز معمارياً في المدينة الرومانية المعبد الرئيسي والمعابد الصغيرة والحمامات العامة والمسرح وقصر الحكم.
مدينة بصرى القديمة بناء أثري ضخم مبني بألواح حجرية محلية، يمثل مدخلها الغربي الذي تتوسطه بوابة متصلة من الجانبين ببقايا سور قديم، ويشكل سقفها عقد حجري يزينه قوسان منحوتان على شكل عارضة بسيطة الزخارف، أما واجهته فهي ذات تصميم متناظر مؤلف من دعامتين بارزتين يتوسطهما محراب تعلوه جبهة هرمية صغيرة مزينة بنقوش يونانية و هناك  طريق رئيسة تسمى "الطريق المستقيم" الذي تشكله أعمدة ذات تيجان أيونية، وتتوزع على جانبيه المعالم الأثرية، بدءاً بالسوق الأرضية مروراً بـ "قوس النصر" ذي الثلاثة أقواس، ليأخذنا بعدها شارع متعامد مع الطريق المستقيم إلى "معبد حوريات الماء" الذي تمثله واجهة من أربعة أعمدة، ثم يقابل معبد حوريات الماء مبنى "الحمامات المركزي" وهو عبارة عن بهو مثمن، وإلى شمال المعبد نجد أعمدة أسطوانية تمثل بقايا "السوق الرئيسة" حيث تواجهها واحدة من أشهر آثار المدينة وهي "الكليبة" أو ما يعرف بحسب الأسطورة بـ "سرير بنت الملك"، وهو معبد لم يبق منه سوى الجدار الخلفي مع عمودين تعلوهما عتبة وإفريز مزينين بثراء بنقوش منحوتة، ثم تنتهي الطريق أخيراً إلى "البوابة النبطية".




ويصنف مسرح بصرى الأثري من بين أفضل المسارح التي ما زالت ماثلة للعيان في العمارة الرومانية بأكملها، ويعد أضخم مسرح لا يزال سليماً بالكامل، فهو مطوق بشكل متلاصق بكتلة معمارية ثانية هي "القلعة الأثرية" التي شَكّل اندماجها المعماري مع كتلة المسرح بناء واحداً ذا دعم وتحصين قوي حوّل المسرح الروماني إلى ما يشبه المعقل، وربما كان هذا واحداً من الأسباب التي جعلت المسرح يصمد على مر الزمن، إضافة لكونه مشيداً من الحجر البازلتي المحلي الذي أكسب البناء صلابة تحدّت الزلازل والعوامل الطبيعية، كما أكسبه ميزة إكسائية مختلفة عن مسارح روما التي شيدت معظمها من الحجارة الرملية المغطاة بالجص الأبيض.

وعلى الرغم من أن شهرة المدينة الأساسية قادمة من مسرحها الروماني الشهير، إلا أنها تتميز أيضاً بتأثيراتها المعمارية الإسلامية الواضحة، خصوصاً الأيوبية منها، فهي تحتوي على جوامع كالجامع العمري وجامع ياقوت وجامع فاطمة ومسجد الخضر، ومدارس كمدرسة الدباغة ومدرسة أبي الفداء، إضافة للقلعة والحمام.
وتعد كاتدرائية بصرى مثالاً فريداً للكنائس المخططة مركزياً من حيث تاريخ تطور الأشكال المعمارية للكنيسة الأولى، وهي عبارة عن مربع يحيط بدائرة مطوقة بمثمن تعلوه قبة، تتلامس الدائرة مع أضلاع المربع من ثلاثة جوانب، وتشغل الزوايا المتشكلة محاريب عريضة على شكل تجويف كبير نصف دائري، وهناك ثلاثة مداخل مفتوحة في الدائرة في منتصف كل ضلع من أضلاع المربع ما عدا الشرقي.
و منذ عام ١٩٨١، شاركت البعثة الأثرية الفرنسية في جنوب سورية في استكشاف بصرى القديمة.

مارينـيت رحـال


عدد القراءات: 4037