شارك
|

قلعة مصياف الأثرية.. جولة تاريخية ممتعة

تاريخ النشر : 2022-08-25

المغترب السوري - د. خيرية أحمد

 

تقع قلعة مصياف على الجانب الشرقي للمدينة التي تحمل اسمها في محافظة حماة، وسط غرب سورية، على قمة تل متدرج الانحدار من الحجر الجيري الطبيعي، وتطل بارتفاع 20 متراً على مناظر جبال سورية الطبيعية في النهاية الشرقية لمصياف، حيث تتماشى أسوارها الخارجية مع الخطوط العامة للمرتفع الصخري المتطاول الذي تنتصب فوقه، آخذةً شكلاً بيضاوياً مماثلاً لشكل القاعدة القائمة عليها.

 

اختار البناة الأوائل مكان القلعة الاستراتيجية المتميزة على شبكة الطريق الواصلة بين الشمال والجنوب والداخل والساحل .فاختاروا هضبة صخرية تشكل القاعدة وهي قاعدة بيضوية ثم تم تشذيب أطرافها لتصبح أكثر حدة وتساير الأسوار الخارجية للقلعة، وقد بنيت الأقبية ومستودع الماء الرئيسي في سوية القاعدة الصخرية عن طريق حفر هذه القاعدة الصخرية واستخدامها كقواعد للأقبية السفلية والتي تشكل الطابق الأول في القلعة ويعود بناء هذه الأقبية إلى الفترة الأولى من تاريخ بناء القلعة وقد استعملت الأقواس الدائرية في حمل القبو والتي تستند إلى الأكتاف الصخرية من الداخل وعلى جدار السور من الخارج.

 

للقلعة مدخل من الجهة الجنوبية الشرقية وهي الجهة الأضعف في القاعدة الصخرية من حيث إمكانية الوصول، ويبدو أنّه مبني على مراحل أما وضعه الحالي فيأخذ شكلاً منكسراً حيث يُصعد إليه بدرج كان يبدأ ببرج متقدم لزيادة القدرة الدفاعية ثم يدخل إلى بهو ينكس عبر باب يفضي إلى ممر يصل إلى الطابق الأول من القلعة، ودرج يقود إلى الداخل، وقد زود الباب ببرج مؤلف من ثلاث طبقات وشرفة طلاقات في أعلى الباب لحمايته . أما الطابق الثاني في القلعة فيشمل عدداً من الأقبية المبنية فوق سطح الطابق الأول والجزء السفلي من الأبراج الداخلية والمؤلفة بأغلبها من الطابقين الثاني والثالث.

إنّ الأبراج الخارجية للقلعة غير متشابهة فبعضها له شكل مربع يرتفع إلى ثلاث طبقات، وبعضها مضلّع ومرامي السهام في القلعة ذات صفات ومقاسات متعددة، حيث يظهر جلياً أعمال التدعيم والتقوية التي طرأت على هذه التحصينات ومن الجهة الشمالية هناك برجان مربعان نحت القاعدة الصخرية تحتهما بينما يناسب مع تصميمها وهما يحميان باب صغير يؤدي إلى القلعة والأسوار الخارجية، والأبراج مزودة بشرفات لرمي السهام في أكثر من مكان.

 

أما القــسم الداخلــــي فقد بني اعتماداً على مخطط القلعة البيزنطية التي يعود تاريخها إلى نهاية القرن العاشر الميلادي حيث تم تحويره وتقوية جدرانه فارتفعت الأبراج الداخلية.

 

ويحوي هذا الجزء على الطابق الرابع من القلعة والأول من هذا الجزء وهو بني على أعلى جزء من الكتلة الصخرية حيث توجد أبراج تطل على الممرات الداخلية للقلعة ويحوي عدداً من الغرف والمستودعات وقد تم تغيير مواصفاته، فزوّد بمدخل يناسب الفترة الأيوبية بشكل منكسر يفضي إلى ما يفيد أن يكون الطابق الأول من قصر القائد، وقد أرخت كتابة الباب هذه الإضافة في عام 1228 م. أما الجزء الشمالي الغربي من القليعة البيزنطية والذي يتألف من ثلاثة أبراج مربعة فقد تداخلت مع السور الخارجي للقلعة وشكّلت نواة لأبراج مضلعة ثلاث ذات الصبغة المعمارية المملوكية، أما ما بقي من الطابق الخامس فهو أجزاء من الجدران العالية.

وكان لموقع القلعة أهمية عسكرية واقتصادية كبيرة بالنسبة إلى الرومان والبيزنطيين، فقد أمَّنت لهم طرقاً سالكة إلى طرابلس الشام والبقاع اللبناني وأنطاكية وحمص وحلب وحماة ومعرة النعمان والساحل السوري، وشكّل موقعها نقطة حماية هامة على الخط الدفاعي، الذي يضم أيضاً قلعة الحصن وبرج صافيتا وقلعة صلاح الدين، ولا تزال أبراجها وبواباتها قائمة كرموز لقوة ومناعة أسوارها.

 

لاقت القلعة اهتمام ورعاية دولية حيث قامت مؤسسة الأغا خان للثقافة منذ عام 2000 بجهود مباشرة كبيرة أثمرت عن ترميم وتأهيل قلعة مصياف الاثرية.

 


عدد القراءات: 2675

اخر الأخبار