شارك
|

ايبلا "تل مرديخ" نقلة نوعية في تاريخ الحضارة السورية

تاريخ النشر : 2022-10-28

تقع  ايبلا "تل مرديخ" على  بعد 53 كم جنوب غربي حلب وبقيت اسم موثق في الشواهد الكتابية إلى عام 1964.


وفي سلسلة التنقيبات الفعلية في موقع "تل مرديخ"  من قبل فريق علماء آثار من جامعة روما  كان هدفها التنقيب عن آثار العصر البرونزي في سورية، اكتشف العلماء من خلالها عشرين ألفاً من الألواح المسمارية المدفونة والمكتوبة باللغة السومرية.

 

ورغم أن هذه الألواح ذاتَ طابَع اقتصاديّ بغالبها، إلا أنها شكّلت مصدراً مهماً وغير مسبوقٍ أتاحَ الاطّلاع على الحياة اليومية لقاطني تلك المدينة التاريخية فقد تم في عام 1968 و اكتشاف قطعة من تمثال بازلتي، كان البداية الرسمية التي قادت العلماء لاكتشاف "إيبلا."

 

وقد نقلت سورية إلى مكانة رفيعة وجعلتها تحتل مركزاً حضارياً متقدماً في الشرق الأدنى، كما عثر في عام 1975 على أرشيفات يعود تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكذلك أكثر من 17000 لوح مسماري من الطين، وكانت الألواح سليمة تقريباً و هذا كان مصدراً غنياً للمعلومات حول "إيبلا" و وثائق "تل مرديخ" تضيف الكثير إلى تاريخ سورية وحضارتها .

 


ايبلا مملكة استوطنت لأكثر من أربعة آلاف سنة، وأخذت حدود المدينة شكلاً شبه منحرف كما شكّل السور الضخم الذي يحيط بها وتضم الأسوار والأحياء الشعبية والتل المركزي "الأكروبوليس" الذي فرض نفسه على تخطيط المدينة، وظل عبر كل العصور مركزاً لها ومقراً رسمياً للسلطات، والحي الملكي الذي تتربع مبانيه فوق أسطح مباني العامة من الشعب، أما مساكنها المنخفضة بنيت جدرانها من اللبن فوق أساسات من الحجر،  فالمسكن الشعبي كان يتألف من رواق، تتبعه باحة داخلية مستطيلة الشكل غير مسقوفة، ثم حجرتان مقابل الرواق، وهذا مخطط يتكرر في أكثر المساكن الشعبية "الإيبلائية."

 


وفي الفترة الواقعة بين (2400 - 2250 ق.م)، كانت فترة الازدهار الأول لإمبراطورية "إيبلا"، أما الكتابات المسمارية فقد تحدثت عن وجود أربعة أحياء يحتمل أنها ارتبطت بأربع بوابات، وأن المدينة كانت محاطة بسور دائري منيع بني من الحجارة الكبيرة  وقد حصن بأبراج مربعة بارزة حسب التقاليد المعمارية التي كانت سائدة في الألف الثالث قبل الميلاد.

 


وتتعدد المباني المعمارية في "إيبلا" و أهمها القصر الغربي" الذي اكتشف عام 1978، إذ يعتبر واحداً من القصور الضخمة بمساحة تقارب 30027 متر مربع على شكل مستطيل ويعتمد تصميمه الداخلي على رصف وحدات سكنية متجاورة ومتماثلة، تفصل بين الواحدة والأخرى جدران متوازية، أما الوحدات السكنية نفسها فيتألف كل منها من باحة سماوية تقوم خلفها غرفتان أو ثلاث غرف، وتطل من الخلف على الباحة نفسها.

 


و يعود بناء هذا القصر إلى الحقبة الأولى من العصر البرونزي الوسيط (2000 - 1800 ق.م)، واعتمد بنيانه على مقاييس أساسية في التصميم وتوزيع الفراغات المعمارية، فالباحات السماوية صغيرة نوعاً ما، كما أنها تأخذ شكلاً مستطيلاً، وتتعامد مع السور الخارجي للقصر، وترتصف بعض الغرف بين الباحة والجدران الخارجية، أما جناح الاستقبال فيتركز في الجزء المركزي، كما أن هناك مدارج لتأمين الوصول إلى الطابق الثاني المخصص للسكن والمنامة.

 

 

أما عن سور ايبلا


يعود تاريخه إلى (1950 - 1800 ق.م)، وقد بلغ ارتفاعه 20 متراً، ودعم قسمه الأسفل حتى ارتفاع أربعة أمتار ببلاطات حجرية كبيرة، وكانت تخترقه أربع بوابات رئيسة، حملت كل منها اسم إله من آلهة المدينة، وتتألف بوابة "إيبلا" من قسمين رئيسين، قسم خارجي وآخر داخلي أكثر تعقيداً، تفصل بينهما باحة على شكل شبه منحرف.
وتعتبر بوابة "إيبلا" الأفضل حفظاً والأقدم عصراً في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين.

 

مارينيت رحال

 

 


 


عدد القراءات: 2793

اخر الأخبار