شارك
|

تاريخ وعراقة جامع السلطان ابراهيم بن الأدهم رضي الله عنه

تاريخ النشر : 2023-04-10

يقع في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة جبلة القديمة ووسط المدينة الحديثة ويعتبر من أجمل المساجد واكثرها فخامة وعراقة، يحتل مكانة كبيرة ومميزة في قلوب وعقول الناس وذلك لارتباط اسمه بالسلطان ابراهيم بن الادهم المتصوف ورجل الفضيلة والتقوى الذي توفي في جبلة ودفن في الجامع.

 

‏ وقد تحدث عن السلطان ابراهيم الكثير من المؤرخين القدامى وانتشر صيته لدرجة نظمت عنه ملاحم شعرية وقصائد وكتبت عنه روايات مختلفة باللغات عديدة منها العربية والتركية والسودانية والهندية والاندونيسية وقد ارتبط اسم جبلة بالسلطان ابراهيم حيث تعرف باسم جبلة الادهمية ويؤكد ذلك ابن بطوطة في اخبار رحلاته حيث زار قبر السلطان ابراهيم لدى مروره في جبلة.

 

وللوقوف على تاريخ الجامع وأقسامه التقى موقع المغترب السوري المهندس ابراهيم خيربك مدير دائرة أثار جبلة الذي تحدث قائلاً: يقع الجامع في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة جبلة القديمة شمال مدرج جبلة الأثري وترجع تسميته إلى الزاهد الصوفي إبراهيم بن الأدهم.‏

 

وتذكر بعض الكتابات الموجودة على جدران الجامع تاريخ بناؤه إلى سنة 1025 م وهي لا تشير إلى اسم الباني، يوجد لوحتان تؤرخان للعصر المملوكي، الأولى تؤرخ في عام 1343 م، والثانية في عام 1351 م، وفيها إشارة إلى إنشاء البركة والبلاطة في الجناح الشمالي من الحرم، أما اللوحات الباقية فتعود إلى مطلع العصر العثماني، ثلاثة منها في سنة 1586 م عندما كان متولي المقام الحاج عبد القادر الذي أنشأ القباب فوق الجناح الذي فيه البركة، وتعود اللوحة الرابعة إلى عام 1589 م.‏


يأخذ الجامع شكل مستطيل باتجاه شرق – غرب يتجه باتجاه الشرق، يقع المقام في الجهة الجنوبية الشرقية من الجامع ضمن غرفة لها قبة ومحراب، يحوي المصلى على منبر ومحراب مبنيان من الرخام مزينان بالزخارف الهندسية، ونوافذ كبيرة زين إطارها الخارجي بزخارف هندسية بالإضافة لنوافذ صغيرة مزينة بالزجاج المعشق، في الجهة الشمالية من المصلى يوجد قبران أحدهما يقال لوزير السلطان، يوجد في الجهة الغربية من الجامع مئذنة أسطوانية الشكل يغلب عليها الطابع العثماني.‏

 

ويبدو أن الجامع بني على ثلاث مراحل:‏

 

المرحلة الأولى: بناء غرفة الضريح وتعود للمرحلة السلجوقية.‏

 

المرحلة الثانية: وفيها تم بناء المسجد والمنارة والبركة والبلاطة والبوابة واخذ الجامع أبعاده القريبة من الوضع الراهن.‏

 

المرحلة الثالثة: المرحلة العثمانية وتبدأ من نهاية القرن العاشر الهجري وحتى أربعين عاماً حيث تم إنشاء القباب الأربعة الرئيسية في حرم الجامع وترميم الواجهات وتجديدها مع النوافذ والأقواس على الواجهات وتجديد المنارة الحالية أيضاً لتأخذ شكل المآذن العثمانية الأسطوانية المدببة بارتفاع 26 م إلا إن المئذنة القائمة الآن أقل ارتفاعاً ورشاقة من القديمة.‏

 

وصف الجامع:‏

 

للجامع ثلاث مداخل متعامدة شمالي وجنوبي يؤديان مباشرة إلى الصحن المكشوف أما المدخل الثالث فهو في الجهة الشرقية ويؤدي على القسم الحديث ومنه إلى الصحن عبر رواق مقبب.‏

 

الصحن المكشوف: يتقدم المصلى من جهة الغرب لا يتخذ شكلاً منتظماً إلا أنه قريب من المستطيل يتم الدخول إليه عبر مدخلين:‏

 

الأول: شمالي مباشرة إلى الصحن المكشوف يضم باباً حديثاً من الحديد يحيط به جدار من الحجار الرملية القديمة يعلو الباب قوس عبارة عن جزء من دائرة غير معقود يعلو القوس مستطيل يضم زخرفة دقيقة بدون كتابة يقابل هذا القوس من الخارج كورنيشة حجرية مكونة من قطع حجرية صغيرة متجاورة
الثاني: جنوبي يؤدي إلى الصحن المكشوف عبر رواق مقبب يحوي باباً خشبياً مصمماً على الطراز القديم إلا أنه يعود إلى تاريخ إنشاء القسم الحديث من الجامع يحده من الجانبين مداميك متناوبة باللونين الأصفر والأسود على طراز العمارة المملوكية ويعلو الباب كتلة جدارية تدل على تنفيذ القسم الحديث من الجامع كما يقدم الباب قوس يضم مداميك متناوبة باللونين الأصفر والأسود.

 

يضم صحن الجامع المكشوف رواقاً جنوبياً تعلوه أربع قباب محمولة على ثلاثة أعمدة من الرخام أما عقود الرواق فمبنية بمداميك من الحجر الأصفر كذلك يضم رواقاً شرقياً تعلوه قباب محمولة على ستة أعمدة من الرخام وعقود هذا الرواق مماثلة لعقود الرواق السابق.‏

 

المصلى ويضم قسمين رئيسيين:‏


القسم الأول: غرفة الضريح وهي على شكل قلعة مربعة طول ضلعها 8 م تعلوها قبة من الحجر الرملي المحلي مبنية على قاعدة مثمنة الشكل على كل ضلع من اضلاعها قوس مدببة تتوسط أربعة منها نوافذ كروية تتصل من الاعلى لتحقق شكل قاعدة المثمن، هذا الطراز من القباب كان معروفاً في زمن العمارة السلجوقية المعاصرة لهذا التاريخ.‏

 

على الجدار الجنوبي نرى فتحتين مستطيلتين بينهما محراب والفتحتين متماثلتين وكل منهما نافذة مستطيلة ذات درفتين خشبيتين يليها أبجور خشبي ويعلو النافذة فتحة زجاجية ثابتة نصف دائرية الشكل وهي ذات زجاج ملون مقسمة شعاعياً إلى ستة قطاعات.‏

 

المحراب نصف دائري يعلوه قوس مدبب وإلى جانبيه عمودان بارتفاع 200 سم لكل منهما تاج ذو مقرنصات بسيطة وقاعدة مربعة، يعلو المحراب لوحة جدارية مستطيلة الشكل مخفية المعالم ويحيط بهذا كله إطار نافر قليلاً من الرخام يعلو الجدار قوس معقود بعمق المتر إن وجود المحراب يدل على ان هذه القاعة كانت تستخدم كمصلى قبل انشاء المصلى الحالي، يتوضع في الزاوية الشمالية الشرقية من القاعة ضريح السلطان إبراهيم بن أدهم وفق الاتجاه شرقاً.‏

 

القسم الثاني:‏ وهو القسم الذي تمم به الجامع في العهدين المملوكي والعثماني ليأخذ الجامع شكله الحالي.‏

 

المدخل الرئيسي إلى المصلى من الجهة الغربية مفتوح إلى الصحن المكشوف وتبلغ سماكة جدرانه 116.5 سم تتوزع‏ النوافذ على جدران المصلى لتضفي إليه منظراً بديعاً.

 

أما النوافذ فهي متماثلة الأبعاد والأوصاف بعرض 120 سم وارتفاع 200 سم وكل منها عبارة عن نافذة مستطيلة ذات درفتين خشبيتين يلي النافذة من الخارج أبجور خشبي قديم بدرفتين تتكرر هذه الفتحات على الجدار الشرقي.‏

 

ماريا عليان 

 

  


 


عدد القراءات: 4808