شارك
|

فندق "البارون "في حلب وحكاية أكثر من قرن

تاريخ النشر : 2019-07-10

فندق بارون” أقدم وأشهر الفنادق في حلب المشيد منذ عام 1911 وبقي على مر الزمن شاهدا على حوارات فنية وسياسية أثرت بتاريخ المنطقة.

ففي عام ١٩٠٥ / ١٩٠٦ م ذاع خبر إنشاء خط حديدي للقطار ، يربط أوربا بالعراق مرورا” بمدينة حلب ، ففكر كل من الأخوين (آرمين وأونيك مظلوميان ) واللذان زارا أوربا ، وشاهدا هناك ضخامة الفنادق ذات الطراز المعماري الأوربي ؛ ببناء فندق كبير وضخم ، يليق بالأجانب الذين سيسافرون على هذا القطار ، ويرتاحون في مدينة حلب الجميلة ، قبل مواصلتهم لبغداد ، أو خلال عودتهم لأوربا ..

تم شراء الأرض اللازمة في العام ١٩٠٧ م خارج حدود المدينة وأسوارها ، ضمن بساتين وبالغرب من نهر قويق ، وأتوا بمهندس معماري خريج فرنسا هو Kaspar Nafilian الذي قام بتصميم الفندق وفق نمط أوربي ، مع إدخال لمسات شرقية ، كالأقواس العربية ، وتم بناء الطابق الأول والثاني وكان مكونا” من ٣١ غرفة وحمامين ، وتمت مرحلة البناء بين عامي ١٩٠٦ و ١٩١١ ، وتم الإفتتاح عام ١٩١١ م ( موافق ١٣٣٠ هجرية ) ، وكان ذلك قبيل افتتاح محطة القطار بحلب ( محطة بغداد ) الذي تم عام ١٩١٢ م ، أما الطابق الثالث فقد بني في عام ١٩٤٢ ، وهو مؤلف من ١٧ غرفة مع حمام خاص بكل منها .

الأحداث التي مرت في الفندق كثيرة جدا”، فهي تمتد لأكثر من قرن من الزمان ، لكن الفندق انتقل لإبن ( آرمين بن كريكور مظلوميان ) ، وهو ( كريكور مظلوميان ) ، ومن بعده إلى ولده ( آرمين مظلوميان ) وهو زوج محدثتي السيدة ( روبينا طاشيجيان مظلوميان ) والذي توفي مؤخرا” خلال سنوات الحرب في عام ٢٠١٦ ، فانتقلت إدارته واستثماره إلى زوجته السيدة ( روبينا ) وأسرته ، ولغاية اليوم  …

أهم الأشياء الموجودة داخل الفندق، يوجد فيه نقش في الحجر على طرفي مدخل الفندق ، وهو يرمز لثمرة الرمان ، بحسب السيدة روبينا ما ذكرت صاحبة الفندق الحالية وهو رمز لعادات أرمنية ، حيث يقوم رجل الدين في أرمينيا بإهداء العروس رمانة مغلقة في الكنيسة يوم الزفاف ، و حباتها الكبيرة  تعني التكاثر والأنجاب والخير ، كما تتكاثر حبات الرمان الأورجوانية داخل ثمرة الرمان .
أما في بهو الفندق ، عُلِّقَ على جداره ملصقا” يعود للعام ١٩٣٠ ويُذكِّر بأجمل أيام الفندق ، وقد كتب عليه بالفرنسية ( فندق بارون ، الفندق الوحيد من الدرجة الأولى في حلب ) .
 الغرفة ذات الرقم ٢٠٣ في الطابق الثاني هي الغرفة التي أقامت فيها الكاتبة ( آغاثا كريستي ) وزوجها عالم الآثار ( ماكس مالاوان ) الذي نقب عن الآثار شمال شرق سورية بين عامي ١٩٣٥ و ١٩٣٨ ، وكتبت هي روايتين بوليسيتين .
و الغرفة ذات الرقم ٢٠٢ في الطابق الثاني هي غرفة إقامة ( لورنس العرب ) ، وقد رأيت على جدارها رسما” له بالملابس العربية ، رسمها الملحق العسكري الإنكليزي ( كولونيل ريشارد كلارك ) إضافة  للجناح الملكي والرئاسي رقمه ٢١٣ .حيث أقام فيه الرؤساء والملوك ومشاهير العالم، وتجد ذات الأثاث الخشبي الذي مضى عليه أكثر من قرن من الزمان، ونزل فيه ملك السويد (غوستاف) وأسرته، الذي زار حلب حوالي عام ١٩٣٦ ونام في الجناح المذكور .

وكذلك نزل فيه أول رائد فضاء وهو الروسي (يوري غاغارين)، ومن بعده نزلت أول رائدة فضاء الروسية (فالنتينا تيرشكوفا)، وكذلك نزل فيه الملياردير الأمريكي (دايفيد روكفلر) أغنى رجل في العالم، والكاتب الأمريكي (وليام سارويان)، والكاتبة الإنكليزية (فراي استارك)..
ونزل فيه العالم والباحث (جورج سميث) مكتشف لوح الطوفان، وهو اللوح السابع من ملحمة (جلجامش)، ومات سميث في الفندق بسبب مرضه، ودفن في مقابر اللاتين بالشيخ مقصود بحلب .
ويقال بأن السيدة (فيروز) والأخوين رحباني، أقاموا بفندق البارون يوم زاروا مدينة حلب ، وهي معلومة لم نستطع توثيقها ..

من الشخصيات التي نزلت بالفندق العريق :
روبرت برايتورد – آندرو مور – باولو ماتييه – هيلغا سيدن – شارل آزنافور ..
ومن السياسسين العسكريين ( جمال باشا – مصطفى كمال آتاتورك الذي أقام بالجناح ٢٠١ – شاه إيران – الجنرال الألماني ليمان فون ساندرز 
كما نزل عليه زعيم الجمهورية الفرنسية الحرة ( الجنرال ديغول ) ، الذي ألقى خطبته من على شرفته المطلة على شارع البارون ، وأقام فيه مأدبة طعام في العام ١٩٤١ م .

 من النزلاء : الملك فيصل بن الشريف بن علي ، ملك سورية ثم العراق ، الذي أقام في الجناح ٢١٥ ، ووقف على شرفته عام ١٩٢٠ وأعلن أول دستور للجمهورية السورية ، والزعيم المجاهد إبراهيم هنانو ، وفارس الخوري ، ونوري السعيد ، وولي عهد ملك السويد ، والرئيس العراقي عبدالسلام عارف ، ورئيس دولة موريتانيا مختار ولد دادا ..

 كما ألقى الرئيس جمال عبدالناصر عام ١٩٥٨ من خلال شرفته خطابه للجماهير المحتشدة بشارع البارون إبان الوحدة السورية – المصرية.

 

 كما قامت العديد من تلفزيونات العالم ، ووكالات الأنباء والصحف ، بعمل تغطيات ومقالات وأبحاث عن الفندق .

 إنه فندق البارون الذي يقف شامخا” وسط شارع بارون بحلب ، كرمز للحضارة السورية الحديثة ، وشاهدا”على العصر ، عبر أكثر من قرن من الزمن ، قاوم الحرب الحالية ، ولحقت به أضرار ، تقوم اليوم السيدة ( روبينا ) على إصلاحها ، وما يزال مغلقا”، على أمل عودته للعمل في المستقبل

 


عدد القراءات: 12165