شارك
|

الخضة (خض اللبن) حكاية التراث بين الصحراء والجبل

تاريخ النشر : 2015-09-21

لطالما كنت أرى جدتي وهي تضع في حضنها جرة كبيرة مغطاة باحكام بغطاء ابيض اللون وتميل الى الأمام والخلف ...سألتها ذات يوم ...جدتي لماذا تميلين الى الأمام والخلف توقفت عن تلك الحركة
قالت ..يابني إني اخض اللبن ...مرة أخرى سألتها وماهي عملية "خض اللبن"؟


فأجابت عملية الخض يتم فية فصل الزبدة عن (الدّو) أما أدواتها فهي: الدبليز الفخاري أو الجرة، السفي، خيط السفي، كيس الخضة المصنوع من القماش الأبيض الناعم. بعد تفريغ كمية اللبن المراد خضها في الجرة  لا فرق دون تعبئته حتى نهايته حيث يترك فراغ كاف لتحريك اللبن ضمن الوعاء ثم تغطى فوهة الوعاء بقطعة مربعة الشكل من نسيج سميك أو متين يسمى (سفي) تغطي كامل الفوهة مع زيادة في أطرافها تجمع هذه الأطراف بواسطة خيط يسمى خيط السفي وتشد جيداً لمنع تسرب السائل وكان يغزل من الصوف ثم استيعض عنه بخيط من المطاط علماً أن السفي تكون قد نقعت بالماء البارد الذي يساعد على تماسك خيوطها وإغلاق مساماتها وتكون المرأة قد مدت في أرض البيت ويسمى (صيبات) أو أمامه أو تحت عرزال أو تحت شجرة فرشة صغيرة تسمى (طراحة) أو بعض الألبسة البالية القديمة تجلس على طرفها وتحرك الدبليز نحو الأمام والخلف ونتيجة التحريك والتخمر يزداد ضغط الهواء داخل الوعاء يستدل عليه من انتفاخ السفي كالبالون مما يمنع تحرك اللبن المخضوض فتقوم المرأة بفك خيط السفي وفتحها قليلاً من طرفها ليخرج الهواء وتسمى (تنفيسة) فيخفف الضغط ويعاد العمل ثانية مع تفريغ الهواء كلما لزم الأمر وذلك ضروري لأنه لو استمر الخض سيؤدي إلى تفلت السفي وكب اللبن خارج الوعاء وكلما ازداد الخض كلما خف الضغط داخل الوعاء وخاصة عندما تتم عملية فصل الزبدة عن الدّو يقال: إن الخضة (طلعت)   وذلك عند فتح الغطاء السفي تظهر عليه وعلى طرف عنق الوعاء حبيبات تشبه حبيبات البرغل المطحون يقال عندها ان الخضة قد برغلت وأحياناً تحتاج الخضة لإضافة الماء الساخن في فصل الشتاء البارد، عندما لا تنفصل حبيبات الزبدة يقال ان الخضة (حرنت ماعم تطلع) فالماء الساخن يساعد على فصل الزبدة عن اللبن.

 

أما في فصل الصيف فالأمر مختلف عن الشتاء فقد تذوب الزبدة في المحلول ويصعب تصفيتها لذلك تستعين المرأة بماء بارد لتجميد حبيبات الزبدة وغالباً بل ودائماً كانت المرأة بعد تنظيف الجرة تملؤا بالماء وتضعها خارج البيت ليبرد ماؤها ويستفاد منه في الشرب كما تساعد برودة الجرة في صباح اليوم التالي على تجمد حبيبات الزبدة وكانت الجرة توضع في مكان مخص لها بني من الحجارة والطين يسمى محمل الدبليز أو مسند الدبليز يحوي تجويفاً يتسع للجرة توضع به قطعة من نبات البلان أو نبات الشفشاف تساعد على برودة الجرة والماء وتحميها من الكسر أثناء تحريكها لصب الماء منها. بعد نهاية الخض تقوم من تخض بسكب اللبن المخضوض بكيس قماش مثلث الشكل له فتحة واسعة من الأعلى لتلقي السائل وتصفيته ليستقر السائل في طنجرة ويسمى (دو) بينما تبقى حبيبات الزبدة داخل الكيس الذي يوضع في وعاء يحوي ماءً بارداً يساعد على تجمد الزبدة ومن ثم جمعها بكلتا اليدين لتشكل قطعة كروية يطلق عليها عدة تسميات (كبّول زبدة، لقصة زبدة، خضة زبدة..) أما اللقصة فهي ما يملأ فتحة اليد. وهكذا نحصل على الزبدة الطرية.


عدد القراءات: 12991

اخر الأخبار