شارك
|

نعيم هاجري.. يغنّي عليها حتى تنجلي

تاريخ النشر : 2016-08-25

عشرات السنين وهو في تجوال بين شوارع مدينة القامشلي وعدد من المناطق القريبة منها، حاملاً معه صحناً صغيراً يضمّ بعض قطع الحلوى لبيعها هنا وهناك، نعيم هاجري (الصورة -60 عاماً) لمّا يهجر الصنعة التي يعيل نفسه وأسرته بها، ورغم ضعف حركة الشراء على بضاعته حالياً، لكنه تعوّد الذهاب يومياً إلى ناسها وأهلها لينسى كمّ الهموم والمتاعب معهم وبالجلوس حولهم ولو دون بيع وشراء.

 

تبقى صور الماضي في مهنته وهوايته التي وُلدت معه قبل سنين طويلة هي الأجمل: “منذ 42 سنة، وأنا أبيع قطع الحلويات التي أضعها في صينية صغيرة، وأسعى خلف رزقي من مكان لآخر”.

 

“بياع الحلو نعيم” الاسم الذي يحفظه الصغار والكبار، من ترحاله اليومي إلى الكثير من المناطق في القامشلي، وأحياناً يقف على الطرقات ويسير لساعات وساعات في العراء: “أحياناً يشرد بالي وأنا أسير لأبيع بضاعتي، ولا أجد نفسي إلا وقد صرت في شارع لم أرَه قبلاً وهكذا” قال السيد نعيم وتابع: “لكن هذه المشاوير العفوية عرّفتني بالكثير من الأصدقاء والخلان”.

 

على المدرجات وبين هدير الجماهير في ملعب القامشلي، وخصوصاً عندما يكون فريقها الجهاد يخوض إحدى مبارياته، تلوح قامة نعيم بين الجمهور مشجّعاً متحمّساً حيث ينسى لبعض الوقت تجارته “لا توجد مباراة إلا شاهدتها في الملعب لفريق الجهاد”، لكن الحال تبدّل الآن ولم تعُد تلك الملاعب تحمل الفرح والرزق الذي كان الله يمنّ به على الرجل وعائلته من الحضور.

 

السيد نعيم هو الأكثر وجوداً في أسواق المدينة، تراه بين اللحظة والأخرى ينثر قصيدة شعرية لمن حولَه وينشد أغاني تراثية وفلكلورية، فهو صاحب صوت جميل: “يقولون لا تقل للمغني غنّي، ولكني لم أخجّل أحداً طلب إلي يوماً أن أسمعه موالاً قامشلاوي عن هجر الحبيبة مثلاً، أو أغنية من تراث المنطقة يحنّ فيها الناس إلى ذكرياتهم التي صارت بعيدة” قال السيد نعيم.

 

لأبنائه وأسرته مكانة كبيرة من العناية والاهتمام والحب، فالرجل حريص على أن يتلقّى أولاده علمهم رغم الظروف القاسية التي تمرّ بها البلاد عموماً: “عندي 3 بنات وشاب واحد، جميعهم في المدرسة يتابعون دراستهم، وهذا مهم جداً بالنسبة لي، ليحققوا ما حلم والدهم به طويلاً لكن ظروفه لم تساعده عليه”.

 

نعيم متفائل بأن الحياة سترجع يوماً إلى ما كانت عليه، فمن كانت بوصلته الشمس لن يضلّ السبيل للبناء ورفع أعمدة الحياة المنيرة بوجه الظلام وأهله الموتى وهم في الحياة.

 

عبد العظيم العبد الله . البعث


عدد القراءات: 11503