شارك
|

أبو فايز .. كالريح واقف على كل الجبهات

تاريخ النشر : 2016-10-06

ثلاث حروب خاضها هذا الرجل، مما تلا أيلول الأسود، مروراً بحرب تشرين، وليس انتهاء بحرب لبنان 1982، أبو فايز -80 عاماً- الصورة- ينظر اليوم إلى تلك الذكريات التي عاشها محارباً طوال عمره، إنها الحرب قدر كل من يختار أن يكون كريم النفس عزيز الوطن، وهذا ليس بالشأن الجديد على هذه البشرية، فلطالما كانت الحرب مستعرة بين الناس ماضياً، ولن تنتهي الحروب مستقبلاً مادام البشر موجودين” قال أبو فايز.

 

السيد أحمد نبيعة المحارب الذي رزقه الله بثمانية أبناء، إلّا أنه لم يحضر ولادة ولا واحد منهم “كانت الأخبار تصلني بأن الله رزقني ولداً أو بنتاً وأنا غالباً في ساحات المعارك” قال أبو فايز، وتابع: ” الوطن أغلى من الضنا يا عم ، هدا مو حكي عجوز، هذه حكمة أكسبتني إياها التجربة والأيام ولم يكن ثمن معرفتها سهلاً أبداً” نظر أبو فايز إلى صورة شاب من قريته، رُفعت على جذع شجرة جوز ” أنتم أيضاً عرفتم هذا بباهظات الأثمان”.


يتذكر أبو فايز تفاصيل يومياته في حرب تشرين، يتذكر صباح يوم الحرب: “كان عشرة رمضان، وكنا صائمين، والصبح كانت لمعتو عجبال القنيطرة عم توهج وهج، وعندما صدرت الأوامر بالهجوم، تخلت النفوس عن كل الصغائر، وصرنا جميعاً يداً واحدة، يداً للوطن”، قال السيد أحمد، وهو يغص بما صار إليه الحال اليوم من إخوة ورفاق حرب كانوا بالأمس معنا على العدو، اليوم هم معه على وطنهم وعلينا: “والله لا أصدق، ترى ألا يستحون من آبائهم الذين خاضوا الحرب كتفاً بكتف مع كل السوريين؟!”، تساءل أبو فايز بغصة مريرة.


التعب الصحي البادي على محيا السيد أحمد، والذي يخبر عن حال صحي صعب يمر به، ينكره هذا الرجل، وهو يحكي بانفعال شديد: “والله لو يقبلونني لكون من أول الموجودين عالجبهة، يا حيف بس”.


ولكن عم، ماذا عن رفاق السلاح، هل مازلت على تواصل مع أحد منهم: “منذ فترة وجيزة كانت جنازة أحد رفاق السلاح، وهو بالمناسبة تصاوب بتشرين، وكانت حالته حرجة، لكنه نجا،  قدر الشهادة نفسه لحقه منذ 43 سنة، رحمه الله استشهد في تفجير مشفى جبلة منذ مدة”، قال أبو فايز، وتابع: “كان رجلاً من خيرة الرجال وأشجعهم، والله يا ولدي نحن السوريين الذين نحارب بجميع مشاربنا وانتماءاتنا، كنا قلباً واحداً، ويداً واحدة، وروحاً لا تنكسر”.
لا يدري السيد أحمد على وجه التحديد إن كان من حسن حظه أو من سوء حظه أن حضر هذه الحروب كلها، ففي الوقت الذي خسر فيه العديد من رفاق السلاح الذين يصبحون كالإخوة، كان قلبه ينبض بالفخر والعزة مع كل انتصار يعلنه الوطن بهمته وهمة رفاقه: “لما رفع القائد الراحل حافظ الأسد علم سورية في القنيطرة، نسينا كل الأوجاع والحسرات، في مجند كانت قدمه مصابة بشدة، صار يرقص عليها لما سمع الخبر”.


لا يخفي العم أبو فايز خيبته من الشأن العربي الذي لم يكن يوماً أفضل، لكنه على الأقل لم يكن بهذا السوء، ولا بهذه الوقاحة: “سورية تمر بمحنة رهيبة، وهي ليست بالسهلة أبداً، لكنها أيضاً ليست بالجديدة علينا، ولكن، لدي إيمان راسخ برسوخ هذه الزيتونة التي عمرها من عمري، بأننا سننتصر، أصحاب الحق معهم الله يا عم”، ختم أبو فايز.


تمّام علي بركات. البعث


عدد القراءات: 13502