شارك
|

التمور.. أحد كنوز دمشق الثمينة

تاريخ النشر : 2016-06-16

تقرير: أمين عوض

 

للتمور في مدينة الياسمين حكاياتٌ مع ذاكرة البشر والحجر، بعض هذه الحكايات تسردها الألسنة التي تحدث بخيراتِ الأرض وجودها ومدى روعة مذاق هذه الثمرة، أما بعضها الآخر فتحكيه العيون حين تتشابك مناظر التمور المصطفة بين أزقة المدينة القديمة، يزيدها رمضان سحراً على سحر و ألقاً على ألق.

 

موقع "المغترب السوري" زار منطقة البزورية، والتقى أبناء الحاج ياسر خدام الجامع في محلهم الذي يعتبر من المحلات الأقدم في تلك الحارات القديمة، التي تفوح من بين ثناياها رائحة العطورات والبهارات الدمشقية بأنواعها المختلفة وأصنافها المميزة.

 

يبدأ محمد وهو الابن الأكبر للحاج ياسر حديثه لنا قائلاً: "إن محلنا في هذا الشارع يعتبر من الأقدم, فبداية الحكاية كانت عام 1937 عندما قرر جدنا البدء بهذه التجارة التي كانت تأتي منتجاتها في أغلب الأحيان من جزيرة العرب، وانتقلت هذه التجارة تباعاً لوالدنا و منه إلينا، وتستطيع القول إن هذه (المصلحة) كما يصفها محمد تسري في عروقنا".

 

يتابع محمد حديثه بالقول:" لطالما ارتبطت التمور بشهر الخير في تقاليد أهل دمشق وقاطنيها, فتمرتين وكأس ماء هو كل ما يحتاجه الصائم عندما يُرفعُ الآذان ويمتلئ سماء المدينة بأصوات التكبير والحمد لرب العالمين، حيث تكتظ حالياً أسواق دمشق بالأصناف والأنواع المختلفة من التمور، لارتباطها الوثيق بوجبة الإفطار والسحور في شهر رمضان المبارك".

 

يضيف محمد في حديثه عن الفوائد الجمة للتمر، لا سيما للصائم في شهر رمضان :" للتمر فوائد كثيرة، خاصةً للأشخاص الصائمين خلال الشهر المبارك, فهو ثمرةُ غنيةٌ بالسكريات الذي يستطيع جهاز الهضم هضم سكره وامتصاصه سريعاً، ناهيك عن غناه بالكثير من السعرات الحرارية والطاقة التي تعيل الصائم على  تحمل ساعات العمل الطويلة خلال النهار من دون طعامٍ أو شراب ".

 


هذا و تتعدد أنواع التمورو تختلف مصادرها كما يقول محمد : " ففي سورية نستوردها من البلدان العربية مثل السعودية والإمارات والعراق, وتعتبر تمور السعودية هي الأغلى والأجود، حيث نجد عدة أنواعٍ مثل التمر الخضيري، وهي أفضل التمور على الإطلاق, والتمر العنبري وهو إماراتي، وهناك تمر زهيدي وهو عراقي، و التمر الصفدي الذي يأتي من فلسطين, كما ينتج التمر الرطب في مدينة تدمر إلا أن ذلك يكون بكمياتٍ قليلة تستعدي استيراده في بعض الأحيان من إيران".

 

و عن استخدامات التمر، حدثتنا الحاجة أم عروة التي كانت أمام محل الحاج ياسر تشتري القليل منه تحضيراً لمائدة رمضان فتقول : "إن التمر مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً برمضان كما ورد في السنة الشريفة، وقديماً كنا ننتظر بفارغ الصبر العائد من الحج ليحضر معه تمر المدينة المشهور, و بالنسبة لي كما كل سيدات دمشق أقوم بحشو التمر بالجوز والفستق والمكسرات، أو أضيفه للمعمول كصنفٍ على مائدة الإفطار, ومادةً تُقدم في الأعياد".

 


تتابع الحجة أم عروة: "البعض يعتبر التمر بمثابة صيدليةٍ طبيعيةٍ متنقلة ينشد الجميع وجودها في منازلهم وأينما حلوا، فهو مفيدٌ جداً سيما لأولئك الذين يعانون من مشاكل هضمية وأخرى تنفسية، القليل من التمر مع (كباية زهورات شامية) (كما يحلو للمسنةِ المشقية تسميتها) وستصبح( تمام)".

 

هكذا هي دمشق دائماً كصندوق الكنوز الثمينة في كل مرةٍ تُفتح فيها أبوابها السبعة يطل عبق السحر والجمال من بين الثنايا العتيقة والزوايا الأصيلة.


 


عدد القراءات: 11960

اخر الأخبار