هل تتذكر أول رحلة لك بالدراجة أو زيارتك الأولى لحديقة الحيوان؟ تبقى ذكريات الطفولة هذه معنا لسنوات بعد البلوغ، لكن هل تساءلت يوماً كيف يتمكن دماغنا من الحفاظ عليها سليمة لفترة طويلة؟

 

 

ربما وجدت دراسة جديدة رائدة الإجابة على هذا السؤال، وكشفت عن آليات جديدة للذاكرة طويلة المدى.

 

 

اكتشف الفريق الدولي من الباحثين الذين قاموا بهذه الدراسة، والتي نشرت في مجلة  Science Advances ، أن جزيء يسمى KIBRA (اختصار لـ "بروتين التعبير عن الكلى والدماغ") يلعب دوراً رئيسياً في تكوين الذكريات طويلة المدى والاحتفاظ بها.

 

 

حيث يمكنك التفكير في جزيء KIBRA كنوع خاص من الغراء الذي يساعد على لصق جزيئات مهمة أخرى تشكل الذاكرة في أدمغتنا.

 

 

يقول الدكتور هانز أستاذ العلوم العصبية بجامعة نيويورك وأحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة: "تظهر دراستنا كيف تعمل الجزيئات معاً لضمان تخزين الذاكرة بشكل دائم".

 

 

ويعتبر هذا الاكتشاف أكثر من مجرد حقيقة علمية، فهو يدعي أنه يمكن أن يفتح آفاقا جديدة لفهم وعلاج الاضطرابات المرتبطة بالذاكرة.

 

 

وللوصول إلى هذه الاستنتاجات، ركز الباحثون على كيفية تفاعل جزيء KIBRA في حيوانات المختبر مع جزيء ذاكرة مهم آخر، يسمى PKMzeta، وهو مهم بشكل خاص لتقوية المشابك العصبية في الثدييات ولكنه يميل إلى الانهيار بعد بضعة أيام.

 

 

يوضح الباحثون: "أثناء تكوين الذاكرة، يتم تنشيط المشابك العصبية المشاركة في العملية ويتم تحديد موقع جزيء KIBRA بشكل انتقائي في هذه المشابك العصبية". وخلص الباحثون إلى أن PKMzeta يلتصق بنفسه، مما يحافظ على قوة هذه المشابك العصبية وبالتالي الذكريات".

 

 

ومن المثير للاهتمام أن الدراسة الحالية تبدو وكأنها تؤكد، بحسب الباحثين، الفكرة التي اقترحها عام 1984 الحائز على جائزة نوبل ومكتشف بنية الحمض النووي، فرانسيس كريك. حيث اقترح فرانسيس كريك أن الدماغ يمكنه استخدام آلية مشابهة للمفهوم الفلسفي لـ "سفينة ثيسيوس"  للحفاظ على الذكريات والتي تعرف أيضاً باسم مفارقة ثيسيوس : وهي تجربة فكرية تطرح مسألة ومعضلة الهوية وما إذا كان الكائن الذي استبدل كل من مكوناته يبقى أساساً نفس الكائن.

 

 

ووفقاً للفكر اليوناني القديم، تم استبدال ألواح السفينة تدريجياً بمرور الوقت لكن السفينة ظلت كما هي. بمعنى آخر، يستخدم دماغنا جزيئات KIBRA وPKMzeta للحفاظ على ذاكرتنا سليمة، حتى مع استبدال الجزيئات الفردية بمرور الوقت، تماماً كما تظل سفينة ثيسيوس كما هي على الرغم من استبدال جميع أجزائها.

 

 

مواقع