اسمه الحقيقي فواز قبلان الحاتم ولد في خبب عام 1911 م محافظة درعا ( حوران ) توفي والده وهو في سن السادسة وعاش في رعاية أمه وجده الشيخ مفلح الحاتم.
قد تكون القصة أغرب من الخيال, ولكنها ليست بالتأكيد من نسيج الخيال ولا من تداعيات الغرور, بل هي قصة واقعية جرت أحداثها بين السويداء وباريس
تبدأ القصة عندما قامت مريام هاري وهي زوجة الرسام هاري بزيارة سورية لتقيم بين ربوعها شهوراً متعاقبة تدرس من خلالها عادات السوريين في البدو والحضر وكان ذلك في الربع الأول من القرن العشرين وذلك تمهيداً لوضع قصة جديدة عن حياتهم العامرة بكل ممتع وطريف.
تنقلت هاري في ربوع سورية واستقر بها المقام في جبل العرب ووجدت هناك أحلامها من حيث الكرم والجمال الفطري وبدأت تخالط الناس في دورهم ومجتمعاتهم, ثم تسجل في أوراقها ما تلمسه من عاداتهم واتجاهاتهم.
في المساء كانت تجلس إلى نافذتها تتطلع مأخوذة إلى قرص الشمس وهو يختفي وراء قمم الجبال المغطاة بالثلوج والأحراش, وكانت هذه الجلسة محور تغيير كبير في حياتها إذ حدث ذات يوم أن شاهدت من نافذتها صبياً لا يبلغ السابعة من عمره ولكنه يمتطي جواده العربي الأصيل في مهارة ملحوظة تكسبه مظهر الامير الصغير, وكان وجهه ملائكيا في حسنه.. ولسبب لاندريه دق قلبها بسرعة وتعلقت عيناها في لهفة بالفارس الصغير...فلما اختفى عن ناظريها شعرت بألم بالغ وتمنت أن يعود ويخطر أمامها من جديد وظلت صورته عالقة بذهنها طوال اليوم التالي فشغلت عن دراستها وكتاباتها وجلست تنتظره، وتحققت أمنيتها فرأته بعد قليل يقترب من النافذة وجسده الصغير يتمايل على ظهر جواده الأشهب وبادلها النظرات وتكرر الأمر يومياً, دعته لزيارتها فقبل الدعوة وقدم نفسه قائلاً: انه يتيم الوالدين واسمه (فواز) وقال لها في سذاجة: (ليتك كنت أمي.. فإني أحبك كثيراً..).
كانت محرومة من الأبناء فبدأت تمهد الطريق لصداقة أهله وبالغت في صداقتهم..
فواز في باريس
بعد إلحاحها الشديد استطاعت أن تأخذ معها (فواز) وأسرعت إلى باريس قبل أن يغير رأيه, وفي باريس اختفى اسمه ( فواز) وحل محله (بيرو, الصبي الفرنسي المدلل, وكان أمل أمه أن تجعل منه سفيراً أو وزيراً, أما هو فكان يتوق إلى حياة أخرى حياة الفن, التي يعيشها زوجها, ولم يكن يجرؤ على معارضة رغبة أمه, وانتظر بعد تخرجه التعيين في السلك الدبلوماسي, ولكنه قبل أسبوع من التوجه إلى السلك الدبلوماسي تقدم إلى امتحان في مدرسة الفنون الجميلة, وبالوقت نفسه جاءه خطابان, الأول خبر نجاحه في مسابقة المدرسة, والثاني: التعيين في السلك الدبلوماسي.. أخبر والديه بالأمر, فإذا بهما على غير ما كان يتوقع يفرحان بما يريد وتركا له الاتجاه الذي يحبه, وهكذا اتجه إلى الفن..
إبداع الخلود
(ازدادت شهرة بيرو) فقصده الملوك والحكام والزعماء يطلبون إليه أن يرسمهم بريشته السحرية, ولما ازدادت شهرته تنبهت إليه الأوساط الفنية العالمية فكانت تستعين برأيه في دقائق الأمور, وتعمل بمشورته في المشاكل العويصة, ومن ذلك انه عندما أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية متحفها الفني بمدينة واشنطن طلبت إلى الحكومة الفرنسية أن تعيرها خبيراَ ممتازاً يقرر قيم اللوحات الموجودة في ذلك المتحف ويكشف من أصولها وتواريخها فوقع اختيار فرنسا على (بيرو) دون غيره.
عاد إلى وطنه سورية عام 1953 م وبقي عدة أشهر بدعوة من الرئيس السابق هاشم الأتاسي ومن خالد العظم ومن خليل مردم بيك وشكري القوتلي. وخلال وجوده في سورية رسم العديد من اللوحات وأقام معرض في دمشق، كما صمم في نفس العام معرض دمشق الدولي....
أما أشهر لوحاته فهي (صاحبة الفراء) وهي لسيدة مصرية معروفة اسمها (جميلة محفوظ) فدخلت اللوحة متحف الفن الحديث, وبعد ذلك متحف اللوفر.