شارك
|

مسرح جبلة الأثري.. واحد من أجمل الآثار الرومانية

تاريخ النشر : 2015-09-30

المسرح الروماني في مدينة جبلة السورية، واحداً من ثمانية مسارح أثرية تم اكتشافها في سورية ويحتل المركز الثاني بينها من حيث استيعابه للجمهور وسلامة بنائه، يقع وسط مدينة "جبلة" الحديثة وفي الجهة الشرقية للمدينة القديمة بمجاورة السور الروماني أي بطريقة مشابهة لموقع مسرحي "بصرى وجرش".

 

أتى على ذكره معظم المؤرخين والجغرافيين، وقالوا إن الخليفة "معاوية بن أبي سفيان" بنى حصناً عربياً إسلامياً في "جبلة" خارجاً من الحصن الرومي القديم، وبأن الروم البيزنطيين حولوه إلى قلعة للدفاع عن المدينة أثناء الفتح العربي الإسلامي لمدينة "جبلة"، ويبدو أنه بقي قلعة حتى في الفترة الصليبية والأيوبية والمملوكية.

زاره عدد من الباحثين والرحالة، منهم المؤرخ أرنست رينان E. Renan الذي زاره عام 1860،والمؤرخ رينيه دوسو R. Dussaud عام 1895.

 

يوافق المسرح بتصميمه العام ما هو معروف عن مسارح العالم الكلاسيكي، غير أن ما يميزه حقاً هو أنه بيّن وواضح جداً .
يتسع المسرح إلى ثمانية آلاف متفرج، أذ أن مدينة "جبلة" في العصر الروماني كانت من المدن الأكثر أهمية بالمقارنة مع المدن الأخرى المعاصرة لها، والمسرح مبني على أقواس وعقود بشكل هندسي دقيق، يتألف المستوى السفلي من 13 درجة والمتوسط من 12 درجة أما العلوي فلم يبق منه سوى أربع درجات، ويعتقد أن العدد الإجمالي للدرجات 35 درجة ربما تنتهي الدرجة الأخيرة برواق معمد مسقوف كمسرح بصرى.
وتتأمن حركة الاتصالات داخل المسرح وعلى الدرجات بواسطة الرواق الرئيسي الذي يعطي المسرح الشكل الدائري وبأدراج موزعة بشكل دقيق على الدرجات.
يدل بناء المسرح وتنظيم مدرجاته وعقوده وأروقته ومواد بناءه وتزيناته الحجرية على مهارة هندسية توحي إلى عبقرية ذلك العصر ولذلك استحق قول أحد مرافقي بعثة أرنست رينان (أنه أجمل الآثار الرومانية على الساحل الفينيقي).
يبلغ قطر المسرح الأعظمي 90 م تتوسطه ساحة نصف دائرية قطرها 5‚21 م تدعى الصحن وفي وسطه قناة تصريف مياه الأمطار تمر من تحت الخشبة أو منصة التمثيل وجدارها الأمامي مزين بمحاريب ذات شكل نصف اسطواني، كما يوجد وراءها الكواليس المشهدية التي لم يبقَ منها حتى ما يدل على وجودها أصلاً، وذلك نظراً لإشغالات لاحقة وعوامل الزمن والطبيعة.

 

اعتمد المسرح أسلوب البناء فوق أرضية منبسطة كلياً على نفس مستوى أرضية جميع الأقسام انطلاقاً من أرضية ساحة الأوركسترا المنبسطة، بينما جاءت أماكن المتفرجين مرتكزة على العقود والأقواس المقنطرة والقباب ويتألف المسرح في بنائه من حيث الهيكل العام والرئيسي من قسمين وهما المنصة وأماكن المتفرجين ويفصل كل قسم عن الآخر ساحة الأوركسترا.

وتقسم المنصة بدورها الى خشبة المسرح وغرف الملقنين والكواليس كما تقسم أماكن المتفرجين الى القسم السفلي والأوسط والعلوي والممرات والأدراج الشعاعية والأروقة الداخلية والمداخل والممرات والأدراج.

 

زوّد المسرح بالعديد من الأدراج والأقبية الشعاعية والدائرية الفاصلة والأدراج والداخلية والخارجية وكذلك العديد من الممرات التي تفصل أقسام المسرح وتسهل عملية التنقل داخل المسرح ولكن على عكس المنهج المعتاد في المسارح الأخرى حيث تم تنفيذ سلسلة من الحجرات أسفل الممر الأوسط وقد توافقت هذه الحجرات مع القباب والأقواس تحت المدرجات السفلية التي ارتكزت فوق أرضية تتناسب في مستواها مع أرضية ساحة الأوركسترا بحيث تشكل الأروقة الداخلية مفاصل المرور بين أقسام المسرح، كما يبلغ عرض الأروقة الرئيسية أربعة أمتار تقريباً.

 

كما استعملت أروقة ودهاليز المسرح كمخازن ومحلات وأقيم فوقه داران اتخذت إحداها سكناً للمستشار الفرنسي والأخرى لقائد الدرك، المسرح كان مغموراً بالردميات في تلك الفترة بحسب ما يقوله الباحث "طه الزوزو": "كان المسرح شبه مغمور حتى تسلم لقاء المقام "زكي غزال" وأمر ببدء التنقيب عنه فتم استحضار بعثة فرنسية تدرجت تدريجياً حتى وصلت إلى الصحن وقامت باقتلاع أشجار "الميس" التي كانت تحيط بالمكان وتم تغيير معالم المنطقة المحيطة تدريجياً حتى أخذت شكلها الحالي".


عدد القراءات: 11652

اخر الأخبار