تعتبر كنيسة "حنانيا" أقدم الكنائس في دمشق بعد الكتدرائية المريمية وتعود للحقبة الرومانية.
هي كنيسة قديمة تحولت عن هيكل وثني يعود إلى القرن الثاني الميلادي ليصبح بعدها كنيسة بيزنطية عرفت حسب المؤرخين باسم الكنيسة المصلبة، وتقع في دمشق القديمة في محلة باب شرقي في الزقاق الذي استمد تسميته من اسم "القديس حنانيا".
وتقع الكنيسة القديمة تحت الأرض في القسم الشرقي من المدينة القديمة، يُنـزل إليها من جانبها الشرقي بدرج من خلال باب ضيق يؤدي إلى تحفة تاريخية تعود إلى أكثر من 2000 عام، وهي مغارة مؤلفة من غرفتين، الأولى متطاولة شمالاً جنوباً وهي الكبرى ممثلة الكنيسة، والأخرى صغيرة تقع في الزاوية الشمالية الغربية من الغرفة الكبرى.
منذ القدم كانت الكنيسة بيت القديس "حنانيا"، وفي عام 1921 قام الكونت الفرنسي "اوستاش دو لوريه" بحفريات أثرية في هذا المكان نجم عنها اكتشاف إحدى حنيات الكنيسة، وجزء من بيت العماد وأثريات أخرى تتفرد بها الكنيسة البيزنطية، كما ودلت أعمال هذا العالم الفرنسي بأنَّ الكنيسة قد حلت محل معبد وثني يرجع إلى القرن الثاني أو الثالث للميلاد كما تشهد على ذلك كتابة باليونانية وجدت بالحفريات تقول: "إلى إله دمشق السماوي"، وهيكل حيث يرى ثور محدوب تحت بلوطة.
وبالنسبة للأهمية الدينية للكنيسة فقد ذكر المؤرخون أن السيد المسيح ظهر في دمشق مرتين الأولى قرب دمشق أثناء قدوم شاوؤل الطرسوسي لاقتياد المسيحيين منها، والثانية في هذه الكنيسة التي كانت منزلاً للقديس حنانيا في السابق، وقد ظهر له السيد المسيح في رؤيا وقال له: يا حنانيّا؟ قال: لبيك يا رب، فقال له الربّ: قم فاذهب إلى الزقاق المعروف بالزقاق المستقيم، واسأل في بيت يهوذا عن رجل من طرسوس اسمه شاؤول، فها إنه يصلي وقد رأى في رؤياه رجلاً اسمه حنانيّا يدخل ويضع يديه عليه ليبصر.
استمدت هذه الكنيسة أهميتها من ظهور المسيح فيها، وهي كنيسة رسولة تعادل كنيسة القدس وبيت لحم ومكان للحج يأمه المؤمنون من كل أصقاع العالم لرؤية المكان الذي كان المسيحيون الأوائل يجتمعون فيه ويحتفلون بالذبيحة الإلهية، وبالتالي فإنَّ هذا الموقع هو أقدم كنيسة عرفت خارج أسوار القدس إذ يضم ذكريات القديس بولس واهتدائه وتعلمه وهروبه من اضطهاد اليهود وتشجيع المؤمنين له على حمل السيد أنطون العبسي رسالة المسيح ليغدو رسول الأمم.
يفتخر المسيحيون بالعالم بكنيستي المهد والقيامة في فلسطين، ونفتخر نحن السوريين بأنَّ المسيحية انطلقت من سورية وأنَّ بولس الرسول انطلق من دمشق من بيت القديس حنانيا وحمل المسيحية إلى العالم.
ونظراً للمكانة التاريخية للكنيسة فيأتيها السياح من كل مكان ليتباركوا منها، فهي تشكل مقصداً سياحياً هاماً في أغلب الرحلات السياحية وحجاً دينياً مهماً جداً.