تقرير: المعتصم خربيط
قضية انتحال الهوية السورية أصبحت محورية بالنسبة للسوريين أنفسهم، وأيضا بالنسبة للدول المستضيفة لهم من جهة أخرى، وقد تناولها المتحدث باسم الخارجية الألمانية مارتن شيفر في تصريح سابق، إذ أعلن أن حوالي ثلث طالبي اللجوء في ألمانيا ينتحلون الجنسية السورية، وتقديرات الحكومة الألمانية هذه اعتمدت على المسؤولين المتواجدين على الأرض وخصوصا الشرطة الفيدرالية.
فيما قال المتحدث الرسمي في الحكومة البريطانية جان كريستوف غراي خلال تصريح إعلامي إن " المملكة_المتحدة لديها تاريخ مشرف في منح اللجوء لأولئك الذين هم في حاجة ماسة إليه، وتدرس كل حالة بعناية وفق ظروفها وتماشيا مع قواعد الهجرة"، وأضاف أن "الناس الذين يسعون إلى الحصول على اللجوء عن طريق الخداع يرتكبون جريمة ويمكن أن يتعرضوا للملاحقة القضائية".
هذه القضية طفت على السطح وامتلأت صفحات الفيسبوك بفيديوهات تسخر من بعض من يدّعون أنهم سوريون، وظهرت رسومات كاريكاتيرية تعكس بعض المفارقات التي يعيشها بعض هؤلاء اللاجئين، والغريب أن الكثير منهم يحفظ مسبقاً أسماء أماكن وأحياء ومعالم في سورية تحسباً لسؤالهم، غير أنهم ينطقونها بطريقة مضحكة تكشف زيف ادعاءاتهم.
يقول المهاجر السوري أحمد محمد (35 عاما) والمتواجد حالياً في اليونان: "يوجد هنا العديد من الكاذبين الذين يدعون أنهم سوريون ، ويحاولون خداع الشرطة لتسمح لهم بالمرور"، فيما يقول شاب سوري آخر (30 عاما) رفض الكشف عن اسمه "نحن نعيش مأساة، الناس يعيشون وسط القمامة، الأطفال الجياع يبكون ولا أحد يدري ما سيحمل لنا الغد، ومع ذلك يوجد العديد ممن يودون استغلال مشكلة الشعب السوري ويزعمون بأنهم سوريون".
رغم معاناة اللجوء ومأساة التغريبة التي يعيشها آلاف السوريين منذ سنوات في بقاع الأرض، إلا أنهم لم يتخلوا عن روح الدعابة والفكاهة حتى وهم يواجهون أصعب المواقف، حيث انتشرت الفيديوهات التي يحاول فيها السوريون كشف التزييف والدقة في الكذب التي يعتمدها أولئك من أجل النفاذ من التحقيقات، وفي أحد هذه الفيديوهات لاجئ سوري يسأل شخصاً أفريقيا "منين أنت ياسين؟"، فيقول "من سورية"، فيسأله ثانية "منين من سورية"، فيجيبه "من دير الزور" فيعاود سؤاله "من وين من دير الزور؟" فيرد الإفريقي "من العشارة" فيسأله على الطريقة العشائرية "مين خوالك؟" فيقول الأفريقي "خوالي الشويط عيال الأبرز"، وهنا يضحك السوري بشدة ويقول له "والله والنعم منك ومن خوالك يا ياسين".
فيما انتشرت مقاطع طريفة لمن يدعي أنه من "داماسكو ومن حارة الدبع"، ويقصد حارة الضبع في مسلسل " باب الحارة"، وآخر كان يدعي أنه من حماه وقد دمر منزله الذي يقع على شاطئ البحر في حماه، وفيديو آخر لأفغاني خانته اللغة عند سؤاله من أي مكان من سورية هو، فأجاب أن أمه من أفغانستان لذلك هو لا يجيد العربية، هذه الفيديوهات والصور ورسوم الكاريكاتير التي تتطرق إلى قضية انتحال الهوية السورية في ألمانيا و أوروبا بشكل عام متوفرة عبر تطبيق أنا أرى، الذي أنشأه السوريون من أجل فضح هذه الظاهرة.
منتحلو الجنسية السورية هؤلاء يدخلون إلى ألمانيا باستخدام وثائق سورية مزورة، إذ تتساهل الحكومة الألمانية في عملية المرور، ويحق لطالب اللجوء دخول البلاد بأي وثيقة متوفرة تثبت أنه سوري ولا يشترط الجواز لذلك، وأكد ناشطون أن "عملية التزوير تتم في اليونان و #تركيا و #لبنان".
لا شك أن هذه القضية تؤثر بشكل سلبي على #اللاجئين السوريين وعلى قضيتهم الإنسانية، وتعطي الفرصة لغير مستحقيها بالعيش في مكان آمن، والتمتع بالميزات التي منحتها الحكومة الألمانية للسوريين بناء على وضعهم الراهن، إلاّ أن الحكومة الألمانية وبعد ملاحظة العدد الهائل من طالبي اللجوء المزيفين عمدت إلى الاستعانة باللاجئين أنفسهم لمساعدتها في الكشف عن مدعي الهوية السورية، بناء على اللهجة ومعرفتهم بالمناطق التي يزعمون تواجدهم السابق فيها.