شارك
|

هكذا سلخ ‫‏لواء الاسكندرون‬ عن ‏سورية‬.. ليصبح "سنجق هاتاي"

تاريخ النشر : 2015-11-29

تقرير: المعتصم خربيط

 

رغم كل ما كتب عن مؤامرة سلخ لواء الاسكندرونعن سورية ورغم كثافة البحوث والدراسات السياسية التي عملت على هذه القضية إلا أن هناك جوانباً بقيت طي الكتمان، بعضها بسبب اختلاف التوجهات السياسية بين رافضي المؤامرة وبعض هذه الجوانب سقط سهواً أو ربما عن عدم معرفة.

 

إن الدقة التي نطمح إليها في سرد التفاصيل حول قضية لواء الاسكندرون تعتمد على منهجية التتابع الزمني للأحداث وربطها مع بعضها، ومن هنا فقد كانت تركيا، الدولة التي تأسست بعد معاهدة الصلح عام 1920 بين الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الاولى والدولة العثمانية المنهزمة، قد تنازلت عن الاسكندرون وانطاكية، لكن مصطفى كمال أتاتورك رفض في العام 1921 ما سمي بمعاهدة "سيفر"، وأعلن ميثاق المجلس الوطني الكبير الذي طلب بموجبه إعادة تكوين تركيا من جميع أجزاء الامبراطورية العثمانية التي تقطن فيها غالبية تركية.


قبل ذلك كانت سورية قد وضعت تحت الانتداب الفرنسي، بموجب قرار مجلس الحلفاء الأعلى الصادر في "سان ريمو" في 21 نيسان 1921. وقد أقرّ مجلس عصبة الأمم عند اجتماعه في لندن في 24 تموز 1924 هذا الانتداب.


وأيضا في العام 1921 وقعت فرنسا وتركيا معاهدة أنقرة وهي اتفاقية تفاهم بين فرنسا وتركيا تضمنت اعتراف كل من الحكومتين الفرنسية والتركية بحق أهالي لواء الاسكندرون في اختيار الحكومة التي تقوم بإدارة شؤون اللواء، ولم يرد في هذه المعاهدة أي اعتراض على هوية اللواء السورية، أو أي إشارة إلى ضمه مستقبلا لتركيا، ومن هنا كانت بداية الخديعة الفرنسية – التركية، ومؤامرة فصل الاسكندرون عن الوطن السوري الأم.


وفي أواخر العام 1922 عقد مؤتمر دولي في "لوزان" ضم الدول الغربية الحليفة، بالإضافة إلى اليونان وتركيا، وقد انتهى بتوقيع معاهدة لوزان في تموز 1922 التي كرست انتصار تركيا في حربها مع اليونان، وإلغاء معاهدة "سيفر" التي اعتبرتها تركيا مجحفة بحقها.


التنازلات الفرنسية سبقت سلخ اللواء قبل سنتين، وسبقت وقوع الحرب العالمية الثانية، لقد سعت فرنسا إلى كسب صداقة تركيا وتوفير موقع متقدّم لها في جمهورية أتاتورك الفتية العلمانية الحديثة، الممتدة بين قارتي آسيا وأوروبا، والمشرفة على البحار الثلاث: الابيض المتوسط والأسود وإيجه.


وفي 9 أيلول عام 1936 وقعت في المدن السورية ومن ضمنها لواء الاسكندرون مظاهرات وإضرابات ضد فرنسا دامت أربعين يوماً، طالب فيها الشعب بالاستقلال وإنهاء الانتداب على سورية. وقد أذعنت فرنسا لهذه المطالب وعقدت مع سورية معاهدة تضمن لها الحرية والاستقلال والدخول في عصبة الأمم.


ولكن بعد موت اتاتورك عام 1938 وتولي رفيقه عصمت اينونو الحكم، احتلت تركيا اللواء، ثم أجري استفتاء في اللواء تحت رعاية دولية قامت فرنسا وتركيا بتزويره، بحيث نجح الأتراك فيه بغالبية في المجلس التشريعي للواء، وتبع ذلك توقيع فرنسا وتركيا لاتفاق في 23 حزيران 1939 سُلخ بموجبه لواء الاسكندرون وضم إلى الأراضي التركية، واستبدلت تركيا اسم لواء الاسكندورن باسم "هاتاي" وأصبح اللواء منذ ذلك الحين يعرف رسميا في تركيا باسم "هاتاي".


ويبقى اللواء هو الجزء الأخير الذي احتلته تركيا بعد كيليكية وكانت في العقود السابقة وعلى مدى أكثر من قرنين قد وضعت يدها عن طريق الهجرة من داخل الأناضول ومناطق الطورانيين إلى المناطق الأربعة ( ديار بكر – ماردين – أورفه – وغازي عنتاب) حيث كانت هذه المناطق سورية خالصة يقطنها سوريون ينتمون إلى أعراق وديانات متعددة كما في كل الجمهورية العربية السورية، وتبلغ مساحة سورية حالياً 185.180 كم مربع، وتحتل تركيا ما مساحته 93 ألف كم مربع من الأراضي السورية.


عدد القراءات: 14406