أكد سفير جمهورية بيلاروس بدمشق يوري سلوكا أن العلاقات بين بلاده وسورية ثابتة ومتقدمة، ووصلت إلى مستوى عالٍ جداً من التنسيق، وتتمتع بترابط حيوي وفعال على مستوى الحكومتين، وهناك علاقات تعاون وتفاعل جيدة فيما يتعلق بالعمل المشترك على الساحة الدولية، وخاصة في منظمة الأمم المتحدة، مجدداً موقف بلاده الداعم لسورية.
وأوضح السفير سلوكا في مقابلة مع سانا بمناسبة العيد الوطني لبلاده المصادف في الثالث من تموز، يوم تحرير بيلاروس من النازية، أن بلاده مهتمة بتطوير وتوسيع التعاون مع سورية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منوهاً بالدور الفعال الذي تقوم به اللجنة الحكومية المشتركة واللقاءات المباشرة للخبراء في كلا البلدين لخلق آليات وفرص لتطوير التعاون بينهما، ومشيراً إلى التنسيق القائم بين البلدين لوضع الاتفاقيات الموقعة بينهما موضع التنفيذ.
وأشار السفير سلوكا إلى أن زيارة رئيس وزراء بيلاروس رومان غولوفتشينكو إلى سورية العام الماضي والمباحثات التي أجراها في دمشق، شكلت خطوة مهمة لتمتين وتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، لافتاً إلى أن الأسس القانونية للعقود الموجودة بين البلدين ذات طيف واسع وتشمل كافة المجالات.
واستعرض السفير البيلاروسي عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها خلال زيارة غولوفتشينكو إلى دمشق، كاشفاً أنه يتم العمل حالياً على التحضير لزيارة لوزير النقل السوري إلى بيلاروس قبل نهاية العام الجاري.
وفي إطار تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين أشار السفير سلوكا إلى المباحثات والمناقشات التي جرت الشهر الماضي مع وزير الشؤون الاجتماعية والعمل لؤي المنجد حول تبادل الخبرات، على أن يتم خلال زيارة الأطفال السوريين الى بيلاروس ضمن مشروع الاستجمام والتعافي القائم حالياً، اطلاع المرافقين السوريين لهم على الخبرات الموجودة بما يتعلق بقطاع الشؤون
الاجتماعية والعمل.
وضمن المشروع لفت السفير سلوكا إلى أنه في نهاية العام الماضي تمت زيادة عدد الأطفال السوريين الذين يتم استقبالهم في بيلاروس، حيث أرسل 150 طفلاً و 12 مرافقاً في شهري أيار وحزيران الماضيين، على أن تكون في آب القادم مجموعة ثالثة تتضمن 75 طفلاً.
وتعمل وزارة التعليم البيلاروسية حالياً على إعداد خطة لعام 2024 لاستقبال الأطفال كونها المنسق لمشروع إرسال الأطفال السوريين إلى بيلاروس، ولم يتم منح أي دولة أخرى مثل هذا العدد لاستقبالهم في بيلاروس.
وحول الاستثمارات المستقبلية في سورية بين السفير سلوكا أن بيلاروس تسعى إلى إيجاد فرص استثمارية فيها، ولا سيما أن خاصية الاقتصاد البيلاروسي والعملية الإنتاجية فيها تركز على الصناعات الثقيلة، إضافة إلى الصناعات الزراعية والغذائية وكل ما يتعلق بالتقنيات في هذه المجالات، حيث يبدي الجانب السوري اهتماماً كبيراً بها، مؤكداً أن إرادة بيلاروس هي تقديم المساعدة الكاملة لسورية وشعبها بعد الحرب الظالمة عليها والدمار الذي حل بها، وخاصةً بعد اتخاذ سورية قراراً بأن إعادة إعمارها ستتم بمساعدة الدول الصديقة، وهذا شيء تعتز به بيلاروس كونها إحدى الدول التي تعتمد عليها سورية.
وتابع السفير سلوكا حديثه بالقول: إن تقديم المساعدات الإنسانية هو أيضاً أحد عوامل التعاون بين البلدين، حيث تم في حزيران وتشرين الثاني من العام الماضي شحن المساعدات الخامسة والسادسة لسورية، وفي شباط الماضي بعد كارثة الزلزال التي ضربت سورية تم إرسال مساعدات إنسانية، كما وجه الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بإرسال مشفى ميداني عسكري متنقل مؤلف من 40 طبيباً عسكرياً بيلاروسياً إلى حلب من كافة الاختصاصات الطبية لتقديم المساعدة لمتضرري الزلزال، والعمل جار على تجهيز وتحضير شحنة مساعدات جديدة تتضمن أغذية للأطفال بالتنسيق مع الحكومة السورية.
وحول التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي لبيلاروس قال السفير سلوكا: “موقفنا واضح ومتين وقوي ضد هذه التدخلات، ونحن عندما نرى من بعض الدول محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية لسورية فإننا نرفضها وندعم موقف سورية”، معتبراً أن التفاهم المتبادل بين البلدين بما يتعلق بهذا الأمر يجعلهما دولتين متحدتين لمنع التدخل في شؤونهما الداخلية وسيادتهما.
ولفت السفير سلوكا إلى أن الاقتصاد البيلاروسي تعرض للعقوبات منذ التسعينيات، لذلك اتخذت القيادة البيلاروسية العديد من الإجراءات التي تنظم بناء اقتصاد الدولة، ووضعت خططاً ضد الكوارث الاقتصادية التي من الممكن أن تواجهها بيلاروس مثل توجيه الصادرات إلى أسواق جديدة وتوطين ودعم بعض المنتجات والصناعات، مضيفاً: “إن العقوبات عامل مهدم ، ونحن ضدها وبلادنا تريد التجارة والعيش بسلام مع الجميع”.
وأكد السفير سلوكا أن سياسة بلاده الداخلية كانت وستبقى قوية ومستقلة، وتسعى دائماً للعيش بسلام مع كافة دول العالم من أجل الحفاظ على وحدة الشعب البيلاروسي لتعزيز أفكار السلام والعمل الإبداعي في مجتمعها.
وأضاف السفير سلوكا: “وكشرط لتنمية بيلاروس أعلن الرئيس لوكاشينكو عام 2023 عام السلام والإبداع، وأن جواب بيلاروس على العسكرة في المنطقة الأوروبية سيكون بالعمل الإبداعي السلمي للمواطنين”، موضحاً أن المجالات الرئيسية للتنمية فيها تتمثل في تحسين نظام التعليم العسكري الوطني للسكان وتعزيز المبادرات السلمية للمواطنين والمجتمع والحوار بين الأديان، وإظهار مزايا نموذج الاقتصاد البيلاروسي في العالم.
وحول السياسة الخارجية لبيلاروس قال السفير سلوكا: “بلادنا أصبحت مرة أخرى في بؤرة المواجهة العالمية التي تشمل جميع الدول دون استثناء، ويجب على جيلنا أن يدافع عن بلدنا مرة أخرى وعن حقنا في مسار تطور المستقبل ذي السيادة، وتسعى بيلاروس لاستعادة الاستقرار والهدوء في المنطقة، وهدفنا الرئيسي هو إيجاد طرق وأساليب جديدة لإقامة علاقات بين القوى الجيوسياسية في المنطقة”.
وبشأن العلاقات مع روسيا أكد السفير سلوكا أن بلاده كانت ولا تزال حليفاً قوياً لروسياً، وأن الشعبين الروسي والبيلاروسي شقيقان ويربط الدولتين اتحاد سياسي، مشيراً إلى الاحداث الأخيرة التي شهدتها روسيا جراء التمرد الذي قامت به مجموعة ” فاغنر” في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، مؤكداً أن أي استفزاز داخلي هو هدية للدول الغربية.
وقال: عندما كانت مصالح المواطنين الروس وحياتهم على المحك، نادت بيلاروس بصوت العقل تجاه كل من انخرط في الأحداث الخطيرة وغير المقبولة، مؤكداً أن الشعب البيلاروسي سيبقى دائماً مع روسيا.