شارك
|

"الطربوش الدمشقي" من سيد الأزياء إلى رفوف الزينة

تاريخ النشر : 2021-07-22

ظهرت موضة ارتداء "الطرابيش" في "سورية" منذ أكثر من 400 عام في عهد الدولة العثمانية، وأصبح لباساً رسمياً، وانتشر على نطاق واسع بين أكابر ووجهاء الحارات الدمشقية العريقة والمسؤولين والموظفين في الدوائر الرسمية ومعلمي المدارس، حيث كانوا يتباهون بوضع "الطربوش" على رؤوسهم، وكان ارتداؤه مظهراً من مظاهر الرجولة والقوة في ذلك الوقت، وأصبح "الطربوش" سيد الأزياء الشعبية ومن أساسيات الزي الرسمي، فارتبط بملامح الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولذلك اهتم الوجهاء وكبار الشخصيات باقتناء أجود أنواع "الطرابيش" المصنوعة من الجوخ الأحمر المستورد من "تشيكوسلوفاكيا" السابقة، "المغرب" أو "مصر" و"النمسا.

 

وقد ازدهرت صناعة "الطرابيش" في "دمشق" و"حلب" في الماضي، لكن مع اندثار عادة ارتداء" الطربوش" وتخلي الدمشقيين عن استخدامه كغطاء للرأس قلّ عدد المصنعين له ولم يتبق منهم سوى اثنين أو ثلاثة في "دمشق" ومثلهم في "حلب"، وهؤلاء يصنعونه بقصد العرض والزينة ويبيعونه لتجار التحف والشرقيات في سوق "الحميدية" بدمشق أو الأسواق الشعبية في "حلب".

 

يصنع" الطربوش" من مادة الجوخ الخام والقش الصيني الذي يغلف "الطربوش" من الداخل ويستخدم كعازل للرطوبة وكمادة لإكسابه المتانة والتناسق، ولكل رأس مقاس وقالب محدد يتناسب مع القياس، يتراوح حجمه بين 75-25 سم، ويتم تجهيز القش ويوضع على القالب النحاسي الذي يتم تسخينه بالنار ويكبس ويشد بواسطة المكبس، ثم يطلى جداره الداخلي بمادة النشاء ويلبس فوق قالب القش حتى يجف النشاء فيأخذ "الطربوش" شكله النهائي المناسب، وتوضع بعدها الشرابة المصنوعة من أجود أنواع الحرير فوقه، وحول الألوان المستخدمة في "الطرابيش" يشير "قنارة" إلى أن اللون الأحمر الغامق كان يصر عليه الكبار حيث يعطيهم اتزاناً وأناقة أكثر، وهناك اللون الأحمر الفاتح للأطفال، كما أن لابسي "الطربوش" في الماضي كانوا من سكان المدن في حين ليس له زبائن في الأرياف، وحالياً بعد فقدان زبائن" الطرابيش" الأساسيين واقتصاره على الدور الفلكلوري والتراث، أصبحت "الطرابيش" تصنع من الكرتون المغلف بالمخمل.

 

كان للدراما دور كبير في إعادة إحياء "الطربوش" حيث حرّكت الطلب عليه وأعادته من جديد إلى ذاكرة من أوشك على نسيانه، كرمز فلكلوري وتراثي وسلعة أثرية يتهافت السياح إلى شرائها واقتنائها.

 

ويذكر المؤرخ محمد سعيد القاسمي في كتابه (قاموس الصناعات الشامية) أن الطرابيش في عهد السلطان محمود كانت تجلب من البلاد الأجنبية، "وبدأ أمرها ينتشر حتى عم واستعاضت الناس بها عن جميع ما تقدم من القاووق والعرف والطبزة واللبادة".


عدد القراءات: 6864