شارك
|

عربة الجامع الأموي الخشبية.. إبداع الدمشقيين

تاريخ النشر : 2015-09-24

هي عربة أثرية خشبية ضخمة معروضة وكأنها متحف مستقل بذاته، في أحد أروقة ‫‏الجامع الأموي‬ ب‏دمشق‬ أمام قفص زجاجي كبير، يبلغ طول العربة نحو 20 متراً، وكانت تجر بالخيول أو الثيران، ولها 4 مسننات أمامية مخصصة لربط الخيل أو الثيران وتشد بواسطتها. صنعها النجار الدمشقي عبد الرحمن عثمان الحموي لنقل الأعمدة الحجرية أثناء ترميم الجامع الأموي بعد الحريق الأخير عام 1893 .

 

وبحسب المؤرخين والباحثين، أن لمصمم العربة وصانعها عبد الرحمن عثمان الحموي حكاية طريفة مع السلطان عبد الحميد الثاني تتلخص في أنه عرض على السلطان بنفسه تصميم العربة عندما كان الأخير يبحث بهمة واهتمام عن نجارين مهرة لتصنيعها. وعندما مثل النجار أمام السلطان قال له: «لقد سافرت إلى ألمانيا وشاهدتهم هناك يصنعون عربة، وقد نجحت لديهم واستخدموها بشكل جيد في النقل. ومن جهتي، حفظت مخطط العربة في رأسي وأريد أن أصمم مثلها لخدمة ترميم الجامع». فسُر السلطان ووافق لكنه أمره بأن يتولى تصنيعها أيضا. وبالفعل، نجحت الفكرة وعملية التصنيع، وكوفئ عبد الرحمن على ما أنجزه. وبعد انتهاء أعمال الترميم في الجامع، جاء النجار إلى السلطان، وقال له بجرأة: «سأقول لك، بصراحة، إنني لم أذهب إلى ألمانيا ولم أشاهدهم يصممون عربة، وما صنعته كان من خيالي فقط، لكنني خشيت ألا توافق على فكرتي من منطلق أنني مجرد نجار محلي لا يمكنه فعل ما فعلت، وأن الأمر ربما يحتاج لمهندس دارس في أوروبا أو أميركا».

 

وحسب المؤرخين، الحريق الذي حصل في الجامع الأموي كان في صيف عام 1893، وقد تسبب به من دون تعمد عامل كان يعمل على ترميم أحد أسقف الجامع؛ إذ جلب هذا العامل نارجيلته (الشيشة) ليدخن بينما هو على مقربة من السقف. غير أنه عندما أوقد النار لإشعالها اشتعلت معها أخشاب السقف والأعمدة، وخلال دقائق معدودة كانت ألسنة النار تلتهم الجامع وسحب الدخان الكثيف تغطي سماء دمشق.

 

إثر ذلك، شكل السلطان عبد الحميد الثاني لجنة خاصة أشرفت على ترميم الجامع، وتألفت من المفتي ووجهاء دمشق. وهي التي قررت الاستعاضة عن الأعمدة الخشبية المحترقة بأخرى إسمنتية تجلب من مناطق ريف دمشق. ومن ثم كان لا بد من عربة تنقلها، فظهر النجار الدمشقي الماهر. والجميل هنا أن العربة بينما كانت تؤدي مهمتها في عملية النقل كانت في كل رحلة تقوم بها من أماكن جلب الأعمدة، يحيط بها الشبان وبشكل استعراضي يطلقون الأهازيج التقليدية فرحاً بها.

 

 

 


عدد القراءات: 9800

اخر الأخبار