شارك
|

أبو أيهم يُجبِّر القلوب والخواطر أيضاً

تاريخ النشر : 2016-08-08

“قلو أبو أيهم بعتني وما بيقصر معك” وما إن أغلق جواله حتى بدأ بالرنين مرة أخرى “يا طيور الطايرة لديرة هلي” وعلى السرير الطبي أمامه رقدت طفلة صغيرة راح يجري معها حديثاً ودوداً لتهدأ، وهو يسمعها الأغنية، فبكاؤها كان يملأ ليس الغرفة فقط حيث يعمل أبو أيهم -55 عاماً – الصورة – بل مشفى المواساة كله، وما هي إلا لحظات حتى غفت الطفلة بين يديه وهو يطلب إليها أن تعده “بحبة شوكلا بس تقوم” بخير وسلامة ” الطفل بدو مسايرة وخصوصي بهالايام الصعبة”.


14-7-1984 عيّن أبو أيهم في مشفى المواساة، وكان قد أنهى قبل عام خدمته العسكرية حيث خدم في الكتيبة الصحية في مشفى التل، وهناك تعلم مهنة التجبير “خدمت 3 سنوات و9 أشهر و19 يوماً” تنقل أبو أيهم بعد بدء تعيينه في المواساة بين عدة أقسام قبل أن يستقرّ به المقام في قسم التجبير، ومنذ 25 عاماً وفي كل يوم سيكون السيد لطيف –وله من اسمه كل النصيب- موجوداً في غرفة التجبير، التي يشيع فيها الرجل أجواء من الألفة الغريبة في مكان بارد كالمستشفى، إما بمزاح مع هذا الطفل كي يلهيه عن ألم يده المكسورة، وتارة مع تلك السيدة التي يذهب إلى طمأنتها بأنها بعد 45 يوماً ستكون كالغزالة فيضحك زوجها أيضاً وهو يجيبه “متل الحصان”.


المرح البادي على وجه أبي أيهم لا يخبر عن “جوانياته” المسكونة بالألم والحنين والشوق أيضا، لأمه وأخوته الموجودين الآن في الحسكة – ناحية “مرقدة” صرلي 5 سنين ما شفت أمي وأخواتي ومحروق قلبي عليهم، لا في اتصالات وعلى الحسكة مقطوعة الطرقات وعالدير نفس الشي ومشتقلهن طلعت روحي”


يوم عمل السيد لطيف لا مجال فيه للراحة ولا حتى لتدخين سيجارة، فالمنفضة التي أمامه مكتظة بجثث السجائر التي لم يشتعل منها إلا الشيء البسيط “متل مانك شايف ما بحسن دخن سيجارة، كل يوم عندي أكتر من 30 عملية تجبير”، وهذا العمل المضني يومياً لا يحتاج إلى جهد عضلي فقط “لازم اللي بدو يشتغل بالتجبير يكون رايق ومزاجو تمام ومركز، لأن إذا شرد شوي بيجوز ما يظبط التجبير، والناس مالها شو حالتك النفسية، مو ذنبها كمان” قال أبو أيهم.

تزوّج أبو أيهم عام 1986، لم يكن قلبه دليله قبل الزواج، فهو التقى السيدة أم أيهم عند أحد الأقارب “على زمنا ما كان في حب وما حب” ولكن الآن هل تحبّها؟ “أم أيهم نور عيوني ونوارة بيتي”.


بعد يوم عمل طويل سيسرّ أبو أيهم إن عاد إلى البيت ووجد طبخته المفضلة “البامية الديرية” “هي أكتر أكلة بحبها، بس هلق صارت اللحمة غالية وما عاد طبخناها على أصولها، بيعين الله إلا ما تفرج علينا وعلى هالبلد” ختم السيد لطيف، بينما خلفنا اصطف جمهور من منتظريه وهم يستمعون إلى حديثه باهتمام بعد أن نسوا أيضاً للحظات آلام الكسور التي جاؤوا لجبرها.


تمّام علي بركات . البعث


عدد القراءات: 11986

اخر الأخبار