شارك
|

كنيسة قلب لوزة الأثرية.. إبداع معماري متفرد قائم حتى يومنا هذا

تاريخ النشر : 2023-05-07

تنتصب كنيسة قلب لوزة في قرية قلب لوزة الأثرية في جبل باريشا شمال غرب إدلب وعلى مقربة من طريق عام معرة مصرين - حارم. ويعتقد أنها قد شيدت في حياة القديس سمعان العمودي أو بعد وفاته بقليل.

 

 

تعتبر كنيسة قلب لوزة من أقدم وأجمل الكنائس التاريخية في سورية، فهي قطعة فنية من روائع الفن السوري البيزنطي. يعود تاريخها إلى منتصف القرن الخامس الميلادي وبداية القرن السادس الميلادي.وهي الصرح الهندسي الذي استوحى منه معماريون كثر بناء كنائس وكاتدرائيات في أوروبا. ويرى باحثون أنها كانت مصدر إلهام لبناء كاتدرائية نوتردام باريس.

 

 

تتمتع بطراز بازليكي وقد استخدمت للصلاة والاحتفالات الدينية حتى القرن الثاني عشر الميلادي فكانت مكاناً مخصصاً للعبادة تزوره المنطقة بأكملها، ومركزاً للحج.

 

 

تم تسجيل كنيسة قلب لوزة في لائحة التراث العالمي لليونيسكو عام 2011 كجزء من المدن المنسية السورية.

 

 

 

الوصف المعماري لكنيسة قلب لوزة الأثرية

 

تأثر بناء كنيسة قلب لوزة بقمة فن العمارة السورية القديمة وتأثره بالفن الزخرفي اليوناني التقليدي، وفي القرن العاشر تحولت من كنيسة سريانية إلى كنيسة تقام فيها الطقوس الدينية وذلك عند استيلاء الصليبيين عليها.

 

 

 كان تصميم مسقط كنيسة قلب لوزة يتخذ الشكل البازيليكي الروماني بعناصره الرئيسية الثلاثة: الصحن والجناح الرئيسي أو الوسطي، والرواقان الجانبيان، والمحراب الشرقي أو الشرقية وفي بعض التسميات الحَنْيَة، متجهاً نحو الشرق.

 

 

يبلغ طول بناء الكنيسة 25 متراً وعرضها 15متراً وهي ذات ثلاثة صحون، وتعتبر من أولى الكنائس التي يكون فيها الجناح الرئيسي محمولا على دعائم متينة ضخمة ترتكز عليها الأقواس عوضا عن الأعمدة، وهذه الأقواس الواسعة تؤمن دمج الجناحين الجانبيين بالجناح الرئيسي مما يضفي الوحدة على حجم الكنيسة.

 

 

أما المحراب فبارز ونضده الخارجي كثيف ومحمول على صف من الأعمدة فوق بعضها البعض، يتقدمه ممر عميق وعلى جانبيه تقع حجرتا المارتيريين والديكاكونيين. يعلو الأروقة أعمدة وتيجان وهي مزخرفة بزخارف جميلة على الجانبين ومحاطة بسور من الحجر الكلسي الكبير.

 

 

وللكنيسة أربعة أبواب، ثلاثة في الجنوب وواحد في الغرب، يتقدمه مدخل مسقوف ذي رواق يتسم بالفخامة ويحده من الجانبين برجان، كل منهما بطوابق ثلاثة، وفيهما درجان قد زالا حالياً وكانا يؤديان إلى سطح الرواق وسطحي الجناحين العلويين، وفي ذلك دلالة على العدد الكبير من المصلين.

 

 

أهم أقسام مبنى كنيسة قلب لوزة الأثرية

 

الرواق أو الدهليز: وهو الممر المسقوف أمام الكنيسة.

 

الصحن: ويمتد من الباب حتى قدس الأقداس، وهو المكان المخصص لاجتماع الناس في الكنيسة.

 

 الهيكل أو بيت القدس: وهو في وسط الكنيسة، وفيه يقام المذبح.

 

غرفة الشهداء: وهي الغرفة الجنوبية من البناء.

 

غرفة الشمامسة: أو غرفة الخدم المحاذية للمذبح من جهة الشمال.

 

ويحتوي بناء الكنيسة على العديد من النوافذ والأبواب من جميع الجهات، وأجملها الواجهة الجنوبية التي تضم تسع نوافذ وثلاثة أبواب يتوسطها باب غني بالزخارف ومحاط برسوم مختلفة من أوراق نباتية تتخللها صلبان ونجوم وشريط من الدانتيلا وأثلام وخطوط هندسية وسلسلة من الزرد ورسوم هندسية تتبعها سيحة من الحبوب والبكر والبراويز.. وقد نقر فوقه اسم الملاكين ميخائيل وجبرائيل.

 

 

بنية كنيسة قلب لوزة الأثرية وتفردها

 

بالنسبة لبنية الكنيسة فتتضمن عناصر جديدة، فالأقواس الكبيرة القائمة على الدعائم تؤمن الالتحام الوثيق مع الأقسام العلوية في الكنيسة والتي يقع ثقلها على دعائم متينة. أما وزن السقف فينتقل إلى الأقواس بطريقة الكتيفات المحمولة على أعمدة صغيرة متوضعة على كتيفات أخرى، مما يؤمن مقاومة للهزات الأرضية المتواترة.

 

 

 تمتاز الكنيسة بالإضاءة الجيدة، حيث يتدفق النور ويتوزع ليس فقط بسبب فتحات النوافذ الكثيرة الموجودة على جداري الجناحين الجنوبيين وجدران الجناح الرئيسي، بل يتدفق النور أيضا بسبب اتساع الأقواس الكبيرة.

 

 

أما الواجهات فقد كانت موضع اهتمام خاص فثمة نعل ذي حلية موجود حول الكنيسة كلها، ولأول مرة نرى شريطا ذي حلية ناعمة يلف حول النوافذ السفلى وأقواس الأبواب ماعدا الصدر. ثم أن الطنف في الجناحين الجانبيين يلتقي في الواجهة الغربية مشكلاً انقطاعاً أنيقاً يبرز وجود شرفة فوق المدخل، ونوافذ البرجين ذوات الأطر الموزعة بشكل موفق يلفان كتلة الواجهة، وفي طابق الجناحين العلويين نجد أطر النوافذ تلتف بشكل قوس ذي حلية على السواكف المستقيمة.

 

 

أما المحراب البارز فإن كتلته مخففة بصف من الأعمدة وبنوافذه الكبيرة المحاطة أيضاً بالأطر ذات الحلي المستمرة.

 

 

كل هذا يعكس الاستثناء الذي تتمتع به هذه الكنيسة عن بقية كنائس المنطقة مما يجعلها في قمة العمارة والروعة فقد كان تصميمها أساسا لتصاميم الكنائس في العالم وأوروبا لمئات السنين اللاحقة. وهي بالنهاية جزء من التطور الإنساني الثقافي الذي ينتقل لنا عبر الحضارات المتلاحقة.

رزان محمد

 

 

 

 

 


عدد القراءات: 5376