عرف الدمشقيون حرفة صناعة الموزاييك مع مطلع القرن التاسع عشر من خلال التنوع الكبير في منتوجاتها الخشبية المزخرفة والمطعمة بالفضة والصدف والعظم لتشكل قطع الأثاث المنزلية ومن ثم المكتبية.
وتميز الحرفي الدمشقي في هذه المهنة عن غيره من الحرفيين في المدن الأخرى مثل حلب والقدس حيث صار الطلب عليها من دمشق يتزايد مع الوقت.
وانتشرت في تلك الفترة وما تلاها ورش تصنيع الموزاييك في أحياء دمشق القديمة حتى بلغ عدد العاملين في هذه الحرفة في منتصف القرن العشرين نحو28 ألف حرفي كانوا يقدمون إنتاجهم بكميات كبيرة للسوق المحلية والأسواق المحيطة.
في النصف الثاني من القرن الحالي طرأ على هذه الصناعة تطور هام بفضل صانع دمشقي يدعى جون بيطار الذي يعتبر أول من نزل بالخشب نوعا آخر من الخشب يختلف لونه عن لون الخشب المحفور وذلك على أشكال ورسوم زخرفية عديدة...
وهكذا خرجت صناعة (الموزاييك) للوجود، اذ طور الصناع هذا التنزيل إلى العظم والعاج مما يحدث تأثيرا عظيما في النفس لجمال زخارفها ودقة صنعتها.
ودفع هذا النجاح من جهة والاقبال من المواطنين من جهة أخرى, دفع على ازدهار هذه الصناعة، حيث أخذت تنتج روائع التحف التي تدهش الناظر بدقتها وزخرفتها.
هناك نوعان من الموزاييك ولكل منها تاريخ خاص فالنوع القديم وهو الموزاييك الحجري أو ما يسمى المشقق الحجري عرف منذ نحو ألف سنة تقريباً وما زال يُعمل فيه حتى الآن ونشاهده في البحرات المزينة والأرضيات والصالات الكبيرة والمساجد.
أما الموزاييك الخشبي الذي يركز عليه هذا الحصر فهو الأكثر شيوعاً ويتخلله مادة الصدف الطبيعي وتعود نشأة هذه الصناعة في دمشق إلى نحو ثلاثمائة سنة وقد تطورت صناعة الموزاييك إلى إدخال قشر العظم والصدف أو العاج في تصنيع الخشب التزييني.
ولم تقتصر هذه الصناعة على القطع الصغيرة بل أنها أخذت تنتج القطع الكبيرة من مكاتب وخزائن كتب وكراسي وقلاطق... بل إن المرء يستطيع أن يحصل على فرش غرفة استقبال كاملة مما يدعو لفخر أبناء دمشق بها.
تستعمل لهذه الصناعة أخشاب من أنواع مختلفة كخشب الجوز واللوز والكمثرى...