وجد العلماء أن تناول الطعام اللذيذ يقلل من نشاط خلايا المخ التي تتحكم في مشاعر الجوع والعطش. وببساطة، كلما أكلت أكثر، كلما أردت أكثر. ولهذا السبب قد يكون من الصعب جدا رفض قطعة ثانية من الفطيرة لتناول الشاي، حتى بعد تناول وجبة غداء دسمة، كما يقترح العلماء.
تنشر مجلة Nature نتائج دراسة أجراها فريق من العلماء بقيادة سكوت ستيرنسون من مركز أبحاث جانيليا في أشبورن بولاية فيرجينيا. وخلال التجارب على الفئران، تمكنوا من تحديد منطقة الدماغ التي توجد بها (الخلايا العصبية) المسؤولة عن استهلاك الطعام والماء.
فعندما يتم تنشيط الشبكة العصبية في هذه المنطقة، يتم قمع مشاعر الجوع والعطش. والعكس صحيح: فحجبها يؤدي إلى استمرار الفئران في الأكل والشرب، حتى عندما تتغذى وتشرب بشكل كامل.
أعطى الباحثون الفئران مشروبات مختلفة أثناء مراقبة نشاط "الخلايا العصبية الخاصة بالحصر". وكان هناك انخفاض طفيف في النشاط عندما شربت الفئران الماء أو المشروبات المرة، وانخفاض أكبر بكثير عندما تلقت الفئران سوائل لذيذة، مثل تلك بنكهة الفانيليا.
ويقترح العلماء أن الشبكة العصبية مصممة بطريقة تجعل المذاق اللطيف يجعل الدماغ يريد المزيد.
كيفية إعادة برمجة دماغك
في عام 2019، نشرت مجلة Science نتائج دراسة حول موضوع مماثل. ووجد مؤلفوها، الذين عملوا أيضا مع فئران التجارب، أنه يمكن برمجة الدماغ للإفراط في تناول الطعام ويحدث هذا بسبب استهلاك الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكر.
وقام فريق من العلماء من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، بقيادة عالم الأعصاب غاريت ستوبر، بدراسة التغيرات التي تحدث في الدماغ أثناء السمنة.
وقارنوا سلوك الشبكات العصبية في أدمغة الفئران الحية مع الفئران الطبيعية وذات الوزن الزائد مباشرة بعد تناول الطعام وعلى هذا النحو، تم إعطاء الحيوانات مياه سكرية غنية بالسعرات الحرارية.
وقد استجابت أدمغة الفئران غير البدينة للسكر عن طريق زيادة نشاط الشبكات العصبية وقد بدا أن الخلايا تعطي إشارة "هذا يكفي" ومنعتها من المطالبة بمواصلة المأدبة.
ومع ذلك، عندما تلقت الفئران المزيد والمزيد من السكر، بدأت في اكتساب الوزن الزائد، وأصبحت الشبكات العصبية في أدمغتها أقل نشاطا، كما تقول الدراسة. وبحلول الأسبوع الثاني عشر من تغيير النظام الغذائي، استجابت الخلايا للمشروبات الحلوة بنسبة أقل 80٪ تقريبا.
ومع ذلك، فإن هذه الدراسة لا تحدد التغييرات التي أدت إلى فقدان نشاط الشبكة العصبية بشكل مطلق حسب عالم الاعصاب راندي سيلي من جامعة ميشيغان.
يأمل العلماء في مساعدة الأشخاص الذين يعانون من السمنة، ويدرسون منذ سنوات عديدة الآليات التي تنظم مشاعر الشبع والجوع.
ووفقا لموقع العلوم الشهير The Conversation فإن الدماغ البشري لديه نظام "مكافأة الطعام" الذي يشجعنا على استهلاك الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية.
يمكن لمثل هذه المكافآت أن تتغلب على إشارات الشبع التي يرسلها الدماغ، مما يزيد من صعوبة مقاومة إغراء الاستمرار في تناول الطعام.
ولأن تناول الطعام اللذيذ يجلب لنا متعة كبيرة، فإن توقع مثل هذه الأحاسيس الممتعة يصبح عاملاً حاسماً في تحديد نظامنا الغذائي.
هل التطور هو المسؤول؟
وفي الوقت نفسه، أثبت العلماء أنه قد يكون من الصعب بشكل خاص على الأشخاص التخلي عن الوجبات السريعة الغنية بالدهون والسكر، مثل الشوكولاتة أو الآيس كريم أو رقائق البطاطس أو البسكويت.
في بعض الأشخاص، تكون مراكز الدماغ التي تحفز استهلاك الطعام أكثر نشاطا بكثير من غيرها. حيث أثبت العلماء، على سبيل المثال، أنه بالنسبة لأولئك الذين يحبون الشوكولاتة بشكل خاص، فإن رؤية ورائحة الحلويات تسبب استجابة أكثر نشاطا في مناطق الدماغ المسؤولة عن "مكافأة الطعام."
مثل هذه الآليات تجبرنا على تكوين علاقات قوية بين مكان ما ونوع معين من الطعام فعندما نصل إلى البحر، نبدأ بشراء الأسماك والمأكولات البحرية، وفي السينما نأكل الذرة المفرقعة (البوشار).
يساعدنا نظام "مكافأة الطعام" في العثور على الطعام الذي نريده ويشجع على استهلاكه. ويرتبط مظهره بالماضي البعيد للبشرية، حيث كان الناس صيادين وجامعي ثمار. ومن أجل البقاء، كانوا بحاجة إلى العثور على طعام عالي السعرات الحرارية في أسرع وقت ممكن وتناول الطعام قدر الإمكان.
وفي تلك الظروف، ساعد الإفراط في تناول الطعام الناس على البقاء على قيد الحياة في الأوقات التي لم يكن هناك فيها طعام على الإطلاق. ومع ذلك، في المجتمع الحديث، تؤدي الرغبة التطورية في تناول الأطعمة الدهنية والحلوة إلى خطر الإصابة بالسمنة.
مواقع