شارك
|

فينيقيا .. حضارة مبهرة وفنون خالدة

تاريخ النشر : 2023-04-03

فينيقيا: هي إحدى المقاطعات الرومانية التي تأسست في نهاية القرن الثاني في شرق المتوسط، وتشمل جزءًا من الساحل السوري والفلسطيني والساحل اللبناني، وكانت تنحصر في شريط ضيق بين المرتفعات الجبلية في الشرق وساحل البحر الأبيض المتوسط وقد أسّس الفينيقيون العديد من المدن مثل: صيدا وصور وجبيل وأرواد وأوغاريت وغيرها.

 

 

والفينيقييون : هم الأقوام الذين هاجروا من شبه الجزيرة العربية واستوطنوا جزءا من أرض كنعان.

 

 

ازدهرت المدن الفينيقية وحضارتها كثيرا، وتم اختراع الكثير من الأشياء المحورية الهامة كاختراع الأبجدية مثلا، وتأسيس المدن ،وبناء المعابد والموانىء البحرية ،وصناعة الزجاج ،والزجاج الملون ،كما اشتغلوا بالتجارة ببراعة تامة ،وكانت حرفتهم الأساسية بالإضافة  إلى الملاحة وصناعة السفن، وكانوا بارعين أيضا في علم الفلك وصناعة النسيج.

 


وبسبب كل هذا الإزدهار الحضاري تعرضت فينيقيا للغزو على يد الإسكندر الكبير وسقطت في يده عام 332ق.م.

 

 

الفن الفينيقي وتطوره

 

لم يقتصر الفن الفينيقي على فئة اجتماعية معينة، بل أصبح نتاج عامي وشعبي على يد الفينيقيين، وذلك لأنه تأقلم مع مختلف الاتجاهات الفنية في ذلك الوقت، وتواءم مع الحياة اليومية ليصبح في متناول الجميع وعلى نطاق واسع.

 

 

ومن بين الفنون المعتمدة نجد الكثير من القطاعات كعمل الزجاج، والسيراميك، والمعادن، والعاج، والمجوهرات، وإكسسوارات التجميل والتصنيع الأرجواني، والعملات، ... دون أن ننسى قطاع العمارة والهندسة أو الفن في خدمة الإلهية والمقدسات.

 

 


صناعة الزجاج


من أخبار المؤرخ بلينيوس القديم، يتواجد فصل عن اكتشاف الزجاج من قبل الفينيقيين. ولكن المؤرخين انقسموا في رأيهم حول مصدر اختراع الزجاج، فبعضهم يقول المصدر فينيقي والآخر يقول مصري، ولكن أحدث النظريات والدراسات تقول إنه يعود إلى بلاد ما بين النهرين وانتشر بعد ذلك.

 

 

صنع الفينيقييون الأكواب والزجاجات وقوارير المراهم ، وخصصوا صناعة الخرز الزجاجي والمعلقات للمجوهرات والمواد الفاخرة ،وقد كانت صناعاتهم الزجاجية ملونة بمختلف الألوان والزفاف ،وتمتاز بأشكالها المختلفة تبعا لحاجتها واستخدامها.

 

 

وهم أول من اخترعوا طريقة الزجاج المنفوخ، وقد عممت هذه الصناعة على جميع الشعوب وخاصة حوالي البحر الأبيض المتوسط، بفضل العلاقات التجارية التي ربطت المدن الفينيقية مع سائر أنحاء العالم القديم.

 

صناعة السيراميك 

 

قامت صناعة السيراميك الفينيقي على الاستمداد المباشر من الفخار السرياني الفلسطيني، وقد استخدمت هذه الصناعة في العديد من المجالات المنزلية، التجارية أو الجنائزية. وتم تقسيمها إلى شكلين كلاسيكية، ذات الرؤوس المفتوحة أو الواسعة وتلك الضيقة أو المغلقة.

 

 

تستخدم الأوعية المفتوحة للأغذية والطعام، أما المغلقة كالجرار مع فتحة صغيرة على رأسها فكانت تستعمل لحفظ ونقل السوائل والسلع الغذائية كالقمح والنبيذ والنفط وكانت الأباريق تستخدم لصب السوائل.

 


وقد استخدمت بعض الجرار في الطقوس الجنائزية وغالبا في القبور، كأواني لمراسم حرق الجثث، ومغلقة في بعض الأحيان بواسطة الصحون.

 

 

وقد كانت المنتوجات الفينيقية من الفخاريات متأثرة بنماذج المراكز المجاورة كالسامرة وقبرص، أو مقلدة من إلهام غربي كاليونان وصقلية، أو من الأقاليم التي استقر بها الفينيقيون لأغراض تجارية مثل سردينيا أو شبه الجزيرة الإيبيرية.

 

 

الحرف اليدوية

 

عرف الفينيقييون منذ البدء أهمية الحرف اليدوية التي تختص بصناعة المجوهرات فهي الأكثر جاذبية، والأكثر ربحا، والأخف وزنا، فعملوا على ترويجها وتطويرها.

 


وقد كان الذهب من أهم المواد التي استخدموها وذلك لجودته وغلائه وحفاظه على نفسه. وأما الفضة فاستخدمت بشكل اقل وذلك بسبب تدهورها بمرور الزمن. وكثيرا ما استخدم البرونز والأحجار الكريمة والزجاج في تكوين، وتزين هذه المجوهرات.

 



وقد اعتمد الأسلوب المصري في زخرفة هذه الأشكال، وذلك لأنه الأكثر شهرة وطلبا وأعطيت الأفضلية للزخارف النباتية مثل زهرة اللوتس، والزخارف الحيوانية مثل الجعران وأبو الهول والصقر والأسد.

 

 

ومن هذه المجوهرات الأقراط المذهبة على شكل هلال أو قرص شمسي والأساور والخواتم والقلائد المزينة والمعلقات بمختلف أشكالها.

 

 

وأما عن الإنتاجات البرونزية ومستحضرات العاج فقد برعوا بهم أيضا وكان يتم استيراد المواد الخام من بعض المناطق النائية كالهند لاستيراد العاج، والشواطىء الإسبانية لاستيراد البرونز، وقد أنشؤوا كثيرا من المدن والمراكز التجارية لاستخلاص هذه المواد ونقلها إلى سفنهم، وكذلك استخدمو جزيرتي مالطا وقبرص كمستودعات لحفظ هذه المواد قبل شحنها إلى مدنهم.

 

 

انتشر الإنتاج الفينيقي على جميع البلدان المعروفة في العصور القديمة. وكان الفن في خدمة الجمال والزينة، واستعمل أيضا في مجالات التجارة والخدمات،

 

 

وقد وضع الحرفيون الفينيقيون أعمالهم في خدمة الفنون القابلة للتكيف والخفيفة للنقل بدافع التجارة والمقايضة، ومنذ ذلك العهد ظهرت هذه الفنون "الثانوية" أو الفنون الزخرفية المسمية "athyumata" من قبل الإغريق. وتكمن قيمة هذه المواد أنها مزدوجة فالقيمة الأولى فنية بحتة والثانية مرتبطة بحاجات الحياة اليومية.

 

 

ومن هذه الصناعات الفنية إنتاج الأرجوان وتصنيع المنسوجات العالية الجودة التي أثارت الحسد والحماس في المراكز التجارية، عند جميع المشترين الذين كانوا ينتظرون وصول السفن الفينيقية .ولا سيما أن ارتداء الملابس الأرجوانية لا يزال حتى اليوم، مرتبط بالطبقات الاجتماعية المتميزة.

 

 

التخطيط والهندسة المعمارية


بنيت معظم المدن الفينيقية على مسافة قصيرة من الساحل أو على حافة البحيرات الضحلة أو الخلجان التي تسمح بمرور القوارب بسهولة وقد كانت هذه المواقع محمية بشكل طبيعي. وقد نظمت المستوطنة الفينيقيية بهندسة ثابتة ومتناسقة، فكانت نواة المدينة تتألف من الأكروبوليس المحاط بالجدران، ومن ثم تتفرع الشوارع، وأنحاء الأحياء السكنية، والمباني الدينية وأماكن الأنشطة التجارية والصناعية.

 


أما الأماكن المقدسة فقد بنيت في بعض الحالات، في مراكز مخصصة من المدينة مثل (معبد أشمون، بستان الشيخ نبوي، صيدا، أو المعبد الفينيقي في مدينة صور من نهاية الفترة الفارسية)، التي أصبحت بذلك "ركن ديني" أو "حي مقدس". وبالنسبة للمدافن فتواجدت غالبا خارج أماكن المعيشة، فأحيانا كانت القبور تشكل حفرة أو بئر (المقبرة الملكية في جبيل) أو تارة على مظهر "dromos": مصطلح يوناني يشير إلى ممر طويل ومنحدر يؤدي إلى قبر محفور تحت الأرض.

 

 


وبسبب تراكم المرافق والمنشآت القديمة والحديثة تمت إعاقة البحوث الأثرية في مجال الهندسة المعمارية، ولكن الوثائق الأثرية التي كتبها المؤرخون في دراسة المدن والبيئة المعيشية عند الشعب الفينيقي أثبتت لنا مدى ذلك التطور، على سبيل المثال استطاع العلماء، بفضل النقوش والرسومات الآشورية (المنحوتات الجدارية من قصر سنحاريب)، تقديم أدلة عن المباني الخاصة التي تواجدت في المنطقة، والمنازل المتعددة الطوابق مع أبواب المداخل المحاطة بالأعمدة والنوافذ ذات الدرابزين.

 

 

ولا يمكننا أيضا أن ننسى معبد سليمان في القدس، وهو واحد من أهم الإنجازات والأكثر إثارة للإعجاب من العمارة الفينيقية، والذي تم بناءه من قبل عمال صور وعلى رأسهم المهندس حيرام المعروف باسم "حيرام أبي المعماري."

 


وزيادة على التخطيط والعمارة يوجد الكثير من الإنشاءات الحجرية مثل المسلات، والنقوش، والتماثيل، والنعوش (ومن أشهرها نعش احيرام ملك بيبلوس أو اشمونعازر ملك صيدا) التي تأثرت بالنموذج المصري، وفي وقت لاحق، بالإلهام الفني اليوناني.

 

 

رزان محمد

 

 

 

 


عدد القراءات: 2276

اخر الأخبار