شارك
|

أقدم المدن التاريخية بنظام تكييف هوائي

تاريخ النشر : 2023-05-31

تبرهن اللقى والدراسات الآثارية الحديثة أن سورية شهدت نشوء المدنيات والأفكار والدلائل المدنية الأولى للبشر، وهي الأرض البكر التي شهدت ولادة أولى مدن وممالك البشر التي صممت وأنشأت بالكامل قبل أن تُسكن. بما في ذلك المحاولات الأولى للتدوين والحساب والرسم على أقدم حائط مبني من قبل الإنسان، وفقا للاكتشافات الأثرية في موقع الجرف الأحمر وموقع تل جعدة المغارة، والمؤرخة بالألف العاشر والألف التاسع قبل الميلاد.

 

وأصبح للمدنية بمفهومها الخاص دور هام تلعبه في الحياة السياسية مع استخدام الكتابة المسمارية الرافدية والايبلائية والأوجاريتية في التدوين، فابتكار نظام متطور للكتابة يعني تدوين أولى المعلومات عن النظام الإداري في العالم القديم.

 

 

المديرية العامة للآثار والمتاحف تأكد أن سورية هي مهد أفضل النماذج في العالم للمواقع الأثرية التي تطور فيها نظام بناء المدن في عصر الوركاء، ففي سورية اكتشفت في موقع تل حموكار على الحدود السورية العراقية قرب جبل سنجار أقدم مدينة أثرية في العالم، تؤرخ بأكثر من 3500 سنة قبل الميلاد، اتخذت شكل مربع وسط السهول المحصورة بين جبل سنجار جنوبا وسلسلة جبال طوروس وزاغروس في الشمال والشمال الشرقي، وكانت تمتد على مساحة قدرها مئتا هكتار.

 

 

كما إن في مدينة حموكار الأثرية اكتشفت أول أبنية في التاريخ العالمي اعتمدت نظام تكييف هوائي تمثل في وجود مقرات في جدران ثنائية متوازية تفصل بينهما مسافة من الفراغ لا تتجاوز 15 سم، وتسمح بمرور هواء مكيف نقي يساعد على مقاومة حر الصيف. كما عثر على لقى أثرية مهمة ما يعطيها ميزة على تطور فن الرسم والنحت والزخرفة.

 

 

وان المكتشفات الأثرية دلت على وجود أبنية من اللبن مملوءة بالفخار والرماد تعود إلى منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد أي العصر (الحجري النحاسي)، كما دلت على وجود أربعة أو خمسة أفران مقببة يبلغ قطر بعضها مترين تقريباً، كانت تستخدم للطهي والخبز وغيرها، كذلك اكتشفت كسر فخارية يستنتج أن معظمها يعود إلى آنية كبيرة الحجم كانت تستخدم في تحضير الطعام، إلى جانب وجود امتداد للبناء خارج السور وهذا يثبت أن التطور العمراني انطلق من هذه المنطقة ولم يأت إليها من الخارج.

 

 

 و أكدت المكتشفات المعمارية واللقى الأثرية على أهمية هذا الموقع الذي كان مجتمعاً متقدماً وراقياً اقتصادياً واجتماعياً، وأدى دوراً في الزراعة والعلاقات التجارية، وعثر داخل منشأة من عصر "أوروك" الوسيط على مجموعة من طبعات الأختام المصنوعة من العظم منحوتة بأشكال حيوانات، وكانت قاعدة الختم محفورة بخطوط أو بصور تشكيلية، والأختام الصغيرة على أشكال حيوانات مختلفة مثل الأسود والماعز والدببة والأرانب والأسماك والطيور، أما الأختام الكبيرة كانت للشخصيات المهمة مثل المديرين والمسؤولين، غير أن الأولى أعدادها أكبر لأنها أكثر استعمالاً باعتبارها تخص عامة الشعب وطبقاته، وهذا يدل على وجود تنظيم إداري دقيق ومدهش في فترة الألف الرابع قبل الميلاد بسبب قدمها في التاريخ، كما تشير الأختام إلى وجود علاقات تجارية كان يضع التاجر فيها ختمه أي توقيعه على المواد أو السلع أو قطع القماش.

 

 

وهذه الاكتشافات توثق بالدليل الأثري واللغوي النصي والعمراني والتخطيطي والتنظيمي أن سورية هي مهد الحضارات ومنطلق المدنية ومفهومها، ففيها ظهرت أقدم القرى وأقدم المدن وأقدم النماذج العمرانية المدنية والدفاعية الأثرية، وأقدم نماذج الكتابة والعد والإحصاء، وأقدم الرسوم في العالم على حائط مبني من قبل إنسان، ليؤكد ذلك أن ظهور العصر الحجري الحديث وظهور مفهوم المدنية في سورية قد سبق ظهوره في القارة الأوروبية وسائر أنحاء العالم.وفقاً لمديرية الأثار والمتاحف السورية

 

   

 

مارينيت رحال
 


عدد القراءات: 2324

اخر الأخبار