شارك
|

حكاية مغترب.. الفستق الشامي يعود إلى أرضه

تاريخ النشر : 2016-02-08

تقرير - فرح مخيبر


هذه المرة "الفستق الشامي"، لم يكن كما هو متعارف عليه على ألسنة المجتمع الدمشقي بأنه مَن يتقن الكلام المعسول.. "الفستق الشامي"، أثبت أصالته وانتماءه الوطني.. وكسر قاعدة "الفستقة الشامية"..


في طريق عودته إلى دمشق في السنوات الماضية العجاف وفي أحلك الأيام أو أشدها خطراً، إن صح التعبير.. كسر بطاقة إقامته التي حصل عليها في إحدى دول أوروبا التي هي حلم الكثيرين من الذين بحثوا عن حظ أوفر خارج بلدهم.. وجوابه كان حتى لا أصل إلى أرض بلادي ثم تكون تلك البطاقة "الإقامة" نقطة ضعفي وعامل جذب مرة ثانية كي أغادر بلادي..


أخوته وكنيتهم "فستق" غادروا سورية بقصد العمل قبل أن يحدث ما حدث في بلدهم.. أحدهم في الصين حيث أسس لعمل طويل الأمد وسار كل شيء على ما يرام إلى أن وصلت رياح التآمر إلى ربوع بلادهم.. حيث استبيحت سورية وفرض ما فرض عليها من حظر اقتصادي وعقوبات واستهداف شعبها وحضارتها.


المغترب السوري في الصين "حسان فستق" يقول عن نفسه: "لم أشعر أبداً بالغبطة وخاصة أن تجارتي وعملي لن يتأثر فهو يسير على ما يرام.. وبعدما بدأت العواصف تهب من كل حدب وصوب وتقتلع بل تبتلع أخضر سوريتنا ويابسها.. شعرت بأن شيء بدأ يقطع أوصال الحياة في شراييني فالأرض التي احتضنتني طفلاً وشاباً ورعتني وأطعمتني خيراتها وأسقتني عذب مائها تستصرخني كي أكون بجانبها.. كيف لا وأنا ابنها البار .. النداء لم يكن لي وحدي إنه نداء لكل إنسان "حمل الهوية السورية بقلبه لا بجيبه "كي يدافع عنها ويقف معها في هذه المحنة التي لم يسبق أن تعرض لها بلد في العالم".


شعور لم يراودني من قبل .. حزمت حقائبي وأنهيت أعمالي وقررت بلا تردد أو تراجع.. الرحلة رقم 1 إلى سورية.. ويحاورني الأصدقاء تتنازل عن حريتك عن كرامتك عن أمانك.. ألا تقرأ الصحف، ألا تشاهد التلفاز، ألا ترتاد مواقع التواصل في الشبكة ؟.. أنت ذاهب إلى الموت إلى الخراب إلى الدمار .. لم يبقى من سوريتك إلا الاسم.. عبارة رددتها لن أنساها ما حييت: "سورية بخير وستكون بخير هي بحاجتي ولن أتخلى عنها كيف لا والله تكفل بحمايتها"..


رغم كل المنغصات والأوضاع السيئة، إلا أن الارادة والإحساس بأن خدمة الوطن هي القيمة السامية التي تعلو كل القيم هي من يسيطر على خطواتي وقراراتي
وعاهدت ألا أكون كالذين حملوا معاملهم ومصانعهم إلى خارج حدود البلد خوفاً على مصالحهم المادية أو أنهم باعوا ضمائرهم ببضعة ليترات من البترول الخليجي مقابل موقف اقتصادي أو رأي سياسي.


ليس المهم أن أسمي ما أقوم به من عمل، المهم أنني أساهم في كسر الجمود الاقتصادي الذي أراده المتآمرون على أمن سوريتنا.. كما أنني أسعى لأكون مساهماً في إعادة إعمار بلدي.


وجع الغربة والاغتراب كان ملازماً لكل أفراد العائلة لكن ذلك كان يخفف لوعته ما كانت تنعم به بلادي من السلام والأمن والأمان، كيف لا ونحن نشعر من بلاد الاغتراب أن أيدٍ أمينة ترعى وتحمي سيادة القانون والقرار السوري.. ذلك الوجع تحول إلى ألم، يمزق أوصال كل من رأى سوريته تحترق بنار أبناء لهثوا وراء وهمٍ زينته غبار صحراء البترودولار، كأمل مجنح يأتي بين عشية أو ضحاها، فما كان منهم إلا أن ساروا في طابور الخرافات، وقطعوا أوصال بلد استغرق أجدادهم في بناء حضارته آلاف السنين.


ألا يكفي هذا كله ليكون القرار الصعب في حجز تذكرة بأول رحلة عائدة إلى سورية لأكون على متنها وأحمل شرف الدفاع عن سوريتي من خلال عملي الذي أتقنته.


وفي النهاية سأقول "لحم كتافي من خيرات سورية لذلك قررت أن أعيش محنتها وأموت على ترابها خير من أموت شوقاً وحزناً عليها في الغربة"ِ.


عدد القراءات: 12018

اخر الأخبار