شارك
|

التكية السليمانية موروث ديني أثري عريق يزين مدينة دمشق

تاريخ النشر : 2023-07-11

 


في مدينة دمشق العريقة وبالقرب من شارع البرامكة الشهير، يقع بناء قديم يعد من أهم الآثار العثمانية في المدينة وهو عبارة عن بناء متكامل يضم مسجدا وسوقا للمهن اليدوية ومدرسة ألا وهو التكية السليمانية.

 


كانت التكية السليمانية قديما محطة للقادمين من آسيا إلى شبه الجزيرة العربية وذلك بسبب موقعها المتميز وسط الطريق التجارية. وحتى أواخر الستينيات كانت قوافل الحجاج الأتراك القادمين براً تتوقف قرب التكية في الذهاب والإياب لزيارة قبور السلاطين العثمانيين المدفونين فيها، وكانوا يرون أن زيارة دمشق من متممات الحج، ويطلق عليها شام شريف.

 


تسمية وبناء التكية السليمانية

 

وفقاً لما تم ذكره فإنّ التكايا موجودة بمفهومها العامّ منذ العصر السلجوقي والأيوبي والمملوكي، وكان يطلق عليها "الخانقاوات"، لكنها ازدهرت وتوسعت بشكل كبير جداً في زمن الدولة العثمانية، فباتت إرثاً عثمانياً تاريخياً، ومبيتاً للمتصوفين والدراويش، وملجأً للفقراء والمحتاجين، وملاذاً للمسافرين والمقطوعين، وكانت تقدم الطعام والشراب للمحتاجين.

 

وكان الهدف الرئيس من بناء التكية إيواء الطلبة الغرباء وإيجاد مكان فسيح يستقر فيه الحجاج من تركيا وآسيا الوسطى وأوروبا في طريقهم للديار المقدسة في موسم الحج.

 


بنيت التكية السليمانية في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1554م وقد أمر ببنائها في الموضع الذي كان يقوم عليه قصر الظاهر بيبرس المعروف باسم قصر الأبلق في مدينة دمشق. أما عن أصل التسمية  فكلمة تكية اصطلاحا هي مكان لممارسة العبادة وتنظيم حلقات الذكر، أو مكان يستضيف المسافرين، أو مكان لعابري السبيل، بصورة غير منتظمة وغير إجبارية، أوالمطعم العمومي للفقراء والدراويش يأكلون فيه وقد يبيتون. فهي مجرد استراحة صوفية يقيم فيها من شاء دون أية أعباء مادية. ومن المعروف أنها سميت السليمانية نسبة للسلطان سليمان القانوني.

 


وهي من تصميم المعماري العثماني الشهير معمار سنان وقد أشرف على بنائها المهندس ملا آغا. بدأ بناؤها سنة 1553 م وانتهى سنة 1559 م في عهد الوالي خضر باشا،. أما المدرسة الملحقة بها فتم بناؤها سنة 1566 م في عهد الوالي لالا مصطفى باشا. وقد كانت تخدم عابري السبيل والفقراء والحجاج في طريقهم وتأمن لهم الطعام والمأوى والتعليم للفقراء.

 

 

المعالم المعمارية للتكية السليمانية

 

تبلغ مساحتها 11ألف متر مربع وأبرز ما يميز طراز التكية السليمانية مئذنتاها النحيلتان اللتان تشبّهان بالمسلّتين أو قلمي الرصاص لشدة نحولهما، وهو طراز لم يكن مألوفاً في دمشق حتى تلك الحقبة.

 


أقسام التكية السليمانية


1-العمارة الغربية : وهي التكية الكبرى التي تتألف من مسجد ومدرسة. حيث تشمل التكية المحوطة بسور له ثلاثة أبواب رئيسية وصحن سماوي فيه بركة ونافورة جميلة والصحن مبلط بالحجارة البيضاء والسوداء.

 


أما الأروقة فمسقوفة على شكل قباب صغيرة ووراءها غرف كبيرة مسقوفة بقباب أكبر من القباب الأولى.

 


وفي الجهة الجنوبية يقع المسجد وبه مئذنتان متساويتان في الارتفاع والشكل أما الجهة الشمالية فعبارة عن عدة غرف كبيرة كل غرفة مسقوفة بعدد من القباب ترتكز على أعمدة داخلية.

 

 

2-العمارة الشرقية وهي التكية الصغرى التي أقيمت على الطراز العثماني الاستانبولي وتتألف من حرم للصلاة، وباحة واسعة تحيط بها أروقة وغرف تغطيها قباب متعددة، وقد كانت التكية الصغرى مأوى للغرباء وطلبة العلم، وتضم اليوم المتحف الحربي السوري وسوق الصناعات الشعبية.

 

 


أما بالنسبة لجامع التكية السليمانية فيقع في منتصف القسم القبلي، أي الجنوبي من الصحن، وهو مربع الشكل طول ضلعه 16 متراً، ويتقدمه رواقان، ومئذنتان توأمان، وعلى جانبي الفسحة السماوية للمسجد يتوضع صف من الغرف الصغيرة.

 

 

في حين يواجه الجامع التكية، حيث تتوضع حجرتا طعام على طول الجدارين الشرقي والغربي، وكل منهما مغطى بأربع عشرة قبة.

 

 

أما واجهات الحرم من الخارج فهي مؤلفة من مداميك من الحجر الأبيض والأسود بشكل متناوب.

 

 

ولا تزال قبور ومدافن بعض السلاطين العثمانيين وعائلاتهم؛ قائمة إلى الآن، وهي في القسم الجنوبي وعلى طرفي المسجد الرئيس وتستقبل زوارها من المسؤولين الأتراك وعائلات السلاطين المدفونين فيها.

 

 

أصيبت التكية بالزلزال الكبير الذي أصاب دمشق في القرن الثامن عشر وتهدمت بعض أجزائها ورممت أيضاً إبان الحرب العالمية الأولى.

 

 

وبعد تأسيس الجامعة السورية في دمشق 1934 استخدم جزء من بنائها لتدريس طب الأسنان ثم استخدمت كمقر لمطبعة مجلة الشرطة المدينة وفي عهد الاحتلال الفرنسي استقرت فيها قوات الجنرال غورو كما استخدمت فيما بعد كمدرسة شرعية إسلامية. وفي سنة 1948م لجأ إليها الفلسطينيون عندما أجبروا على النزوح من وطنهم.

 

 

تحولت التكية إلى متحف حربي يضم عددا من القاعات المختلفة قبل أن يتم نقله إلى مكان آخر، وإلى سوق للصناعات اليدوية العريقة في دمشق مثل صناعة البروكار والموسلين والظاهري والحفر على الخشب وتطعيمه والصناعات الفضية والزجاج اليدوي وصناعة الصدف والعاج وغيرها وذلك منذ العام 1974م.

 

 


تستضيف التكية في قسمها الشمالي العديد من الفعاليات والمعارض مثل معرض الزهور التخصصي والمعرض الدولي لفنون الطفل، إضافة لبعض معارض المهن اليدوية التي تقام على هامش مهرجان طريق الحرير.

 

   

 

رزان محمد

 



 


عدد القراءات: 4289