شارك
|

دير الزور ...مدينة الخير والعطاء

تاريخ النشر : 2015-10-06

في بدء الحقبة العثمانية في القرن السادس عشر منذ حوالي اربعمائة سنة لم يكن في إقليم الجزيرة السورية الوسطى سوى ثلاث قرى صغيرة هي الرحبة (سميت الميادين لاحقاً) ودير الزور والعشارة ، أقامت فيها السلطة العثمانية الناشئة مراكز إدارية صغيرة.

وفي العام 1696 كانت دير الزور عبارة عن قرية بسيطة لكنها مركز لواء يتبع إدارياً إلى ديار بكر السورية ( الواقعة في تركيا حاليا ) .

بين سنوات 1835-1837 لم يكن هناك من قرية واحدة عامرة في وادي الفرات سوى قرية دير الزور، بينما كانت النباتات والشجيرات الشوكية المناسبة لتربية الجمال تنتشر على طول ضفاف النهر.

وقد بني المركز الإداري والعسكري للمدينة في النقطة التي يبلغ فيها الفرات أقصى حالات اتساعه ( 12كم) مشكلاً مع الزمن مصاطب مرتفعة عن مجرى النهر .

في العام 1858 أحدثت السلطات العثمانية وحدة إدارية جديدة في المنطقة، سرعان ماتطورت إلى" قائمقامية دير الزور " التي ضمّت الجزيرة وشمال البادية، وألحقت بولاية حلب. وتطورت هذه الوحدة الادارية في العام 1865 إلى مركز سنجق ( يسمى لواء) تحت اسم لواء دير الزور يتبع ولاية حلب.

خلال سنوات 1864-1866 قامت إدارة اللواء الفتية بتوزيع الأراض الزراعية على ضفاف الفرات بهدف تشجيع الاستقرار وتنمية الزراعة، ووزعت سندات بالملكية ( خاقانية) على الأسر حسب عدد افردها، وكانت الملكية بحدود ( بكرة) أو(12) دونماً نظرياً، لكنها كانت فعلياً تتجاوز( 100) دونماً، مقابل دفع قرش واحد عن كل دونم سنوياً كضريبة للدولة.

تمّ فك ارتباط هذا اللواء في العام 1868 عن حلب، و تم إتباعه مباشرةً إلى الحكومة المركزية في استانبول.

ثم صنّف في العام 1888 في مرحلة إعادة النظر بتوزيع الولايات كـ" متصرفية ممتازة".

وكانت متصرفية دير الزور إحدى ثلاث متصرفيات ممتازة مرتبطة بالعاصمة استانبول مباشرةً هي متصرفيات : جبل لبنان، والقدس، ودير الزور.

ضمّت متصرفية دير الزور يومئذ ما سيسمى لاحقاً بمحافظات الرقة ودير الزور و الحسكة وناحية تدمر، وقسم من الموصل، وامتدت حدود اللواء الإدارية بين منطقة عانة التي كانت تتبع يومئذ بدورها إلى ولاية بغداد العثمانية وبين مسكنة.

بدأ عمران البلدة الجديدة منذ العام 1865، حيث كانت قد استقرت حامية عثمانية فيها بعد إخضاع عشائرها ، وبنى المتصرف العثماني داراً للحكومة وثكنةً عسكريةً ومشفى، وباشر ببناء سوق الميري، واستقدم أناساً من أورفة من أصحاب المهن والبسْتنة والكتابة للعمل فيها، واستقر معظم هؤلاء في البلدة.

وفي حدود العام 1887 كان قد تمّ بناء شبكة الاسواق التجارية التقليدية في الجهة الشرقية للدير العتيق ، حيث شكّل بناؤها امتداداً عضوياً لعمارة المدينة القديمة من حيث الاسلوب و الطابع و التقنيات، وبنيت الأسواق على أساس شطرنجي على شكل أسواق نوعية مسقوفة بقباب سريرية من الحجر والطين.

وأخذت المدينة تتوسع بمحاذاة النهر من جهتيه الشرقية و الغربية، وبدأت معالم التكوين الحضري للمدينة بالوضوح.

وفي عام 1880 ظهرت العديد من المباني الحكومية و الادارية ، كما ظهرت مناطق عمرانية جديدة مهدت لقيام أحياء الشيخ ياسين و أبو عابد و الرشدية .

وفي العام 1893 تم إحداث حي الحميدية في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة القديمة على شكل شبكة شطرنجية، وفي العام 1900 أضيفت الحويقة (حي العثمانية) إلى أحياء المدينة.

في مطلع القرن العشرين بدأت المحاور المحيطة بالمركز بالتطور (محور الشارع العام، محور الجسر القديم باتجاه الجنوب) وانتشرت على أطرافها محلات تجارية انتشاراً خطياً لتتكامل مع شبكة الأسواق التقليدية المسقوفة .

وبني في المدينة في أواخر العهد العثماني جسر خشبي يربط بين البادية الشامية والجزيرة.


وأنشئت حديقة عامة وثانوية صناعية ومشفى وحدث ذلك بسبب حيوية بلدية دير الزور وارتفاع دخلها كثيراً بالقياس إلى المدن الكبيرة، ففي العام 1910 بلغ دخلها(3000) ليرة ذهبية سنوياً، بينما لم يتجاوز دخل كل من بلديتي دمشق وحلب(11000) ليرة ذهبية سنوياً.


عدد القراءات: 10269

اخر الأخبار