"البلاط الشامي" أو "البلاط البلدي" أو "البلاط المُطَبّعْ" نوع من أنواع البلاط الذي تعاقبت الأجيال على صنعه بطريقة يدوية، حيث انتشر في غالبية أرضيات البيوت وخصوصاً بالنصف الأول من القرن العشرين في سورية ولبنان وفلسطين ومصر، ويشكل جزءاً من التراث المعماري في تلك البلدان وخصوصاً في البيوت والقصور القديمة.
وعن أصل هذا النوع من البلاط يذكر معاون مدير الثقافة في حماة المهندس المعماري مجد حجازي لـ "موقع المغترب السوري" أنه يعود حسب المصادر إلى أوروبا وتحديداً إيطاليا وفرنسا لكن بعض الدراسات تعيد اكتشافه لعهد الفراعنة بمصر.
ويصف حجازي البلاط المطبع باللوحة الفنية المليئة بالرسومات والزخرفات والتي تحمل في ثناياها عراقة الماضي وإتقان الصنعة فهي عبارة عن قطع فنية مغموسة بالمحبة ألوانها تشكل مصدراً للبهجة والسرور لكلّ من رآها داخل البيوت.
وحول آلية تصنيع هذا النوع من البلاط أشار حجازي إلى أنه يتم تصنيعه بالطريقة اليدوية بشكل كامل، حيث يستخدم العمال القوالب المؤلفة من رسوم وزخارف هندسية أو نباتية مستنبطة ومحورة من البيئة المحلية، ويمكن إحصاء أكثر من 500 رسمة للبلاط أهمها الرسوم النباتية كالزنبقة، والوردة، والدوالي وأيضاً الزنار والسجادة الشامية وغيرها من الرسومات الزخرفية الهندسية، إضافة إلى وجود بعض القوالب السادة التي لا تأخذ أي رسمة.
والمواد الداخلة في التصنيع هي الرمل النهري مع مطحون الحجر والإسمنت بلونية الأبيض والأسود مع زرادة حجر خشنة وأصبغة يتم تحضيرها من ألوان ترابية طبيعية ممزوجة بمواد خاصة مؤلفة من أكاسيد كيماوية للمحافظة على اللون برونقه بشكل ثابت، والألوان المختلفة تكون طبيعية بالكامل ماعدا اللون الأزرق فهو لون صناعي أدخل على البلاط حديثاً.
وأما مراحل الصناعة تمر بخطوات عديدة حيث يبدأ العامل برسم النقش بالألوان وفق قالب زخرفي معين بما يشبه عمل الرسام ثم يقوم بملء قالب البلاطة كاملاً بمواد صلبة من الإسمنت والحجر المطحون، ثم تكبس بواسطة مكبس بقوة الضغط المناسبة ثم توضع لتجف لتنقع بعد ذلك بالمياه لمدة ٢٤ ساعة لتصبح جاهزة للتركيب في المكان.
ولفت حجازي إلى أن أهم ما يميز البلاط الملون عن غيره من أنواع البلاط الأخرى صغر حجمه وإنتاجه البطيء وحاجته للوقت الكبير والتركيز في العمل، موضحاً أن ترميم هذا البلاط يتم بتنظيف الأرضية جيداً بالماء المضغوط مع القشط الميكانيكي اللطيف، ثم تروب من جديد بالمونة السائلة التي تملئ كل الفراغات التي يمكن أنها قد تكون موجودة على أن تنظف المونة فوراً من سطح البلاط وقبل الجفاف يمنع منعاً باتاً استخدام جلاية البلاط للتنظيف مع هكذا نوع من البلاط حيث سيؤدي ذلك لخسارة طبقة الزخرفة بالكامل .
وأوضح حجازي أن هذه الحرفة مهددة بالانقراض، ويجب العمل على إعادة إحيائها أو على الأقل جمع الأعمال الفنية التي كانت تشكلها وإعادة استعمالها في أعمال الديكور الداخلي الحديث، ولا تزال هناك بعض المعامل في لبنان ومصر وفلسطين تنتج هذا النوع من البلاط الذي أصبحنا نجده فعلا في أعمال وتصاميم حديثة لدى بعض المعماريين ومهندسي الديكور، حيث حازت تلك التصاميم على إعجاب الناس والزبائن وبتنا نجدها في المطاعم والفنادق والحمامات ..إلخ.
د. خيرية أحمد