لوحة فنية تخبئ بين تفاصيلها أسرار معالم أثرية وتاريخية تحكي قصة حضارات موغلة بالقدم، هذه هي مدينة شهبا مدينة فيليب العربي.
تحثنا هذه المدينة الواقعة في ريف السويداء الشمالي على بعد 90 كيلومتراً جنوب العاصمة دمشق للتوغل واكتشاف معالمها التي مزجت بين الحاضر والتاريخ.
أول ما يطالعك عند دخول المدينة ذلك التل الشامخ الذي يسمي تل شيحان وهو إهليجي الشكل، وتقع على سطحه الغربي فوهة بركانية قطرها 300 متر، كما توجد مغارة كبيرة في قمته. تغطي تل شيحان تربة بركانية من الرمل الأسود والطف البركاني النقي، وهو ما يجعله ذو قيمة اقتصادية كبيرة. وقد استخدمت هذه التربة في تعبيد الطرق والبناء بالمنطقة، إضافة إلى قيمته الكبيرة كمقام ديني مقدس عند أهل المنطقة حيث يعتقد سكان المنطقة أن أحد أولياء الله الصالحين سكن التل منذ زمن بعيد، فسمي التل باسمه "شيحان."
من يقصد مدينة شهبا لا بد له من المرور بجانب البوابات التي تُعدّ من أبرز معالم التراث، ويعود بناؤها إلى الفترة التي حكم فيها الإمبراطور فيليب العربي الإمبراطورية الرومانية بين العامين 244 و249 ميلادية.
وتدل البوابات على حضارة عريقة ازدهرت وشكلت باوابدها نموذجاً رائعاً لفن معماريّ مميّز بكل مقوّماته أبدعت في بنائها اياد ماهرة مع بناء سور دفاعيّ مزوّد بعدة أبراج لحمايتها وتحصينها نظراً للمكانة التاريخيّة التي كانت تشغلها المدينة.
ويتخلل هذه البوابات الشامخة بحجارتها البازلتيّة على شكل أقواس نصر ممر كبير بعرض أربعة أمتار إضافة الى بابين صغيرين بعرض مترين من كل جانب، وقد تقودك قدماك لتصل إلى المسرح الذي يشكل نموذجاً جميلاً للمسارح الصغيرة في سورية.
ومن أجمل الأشياء التي ستجذبك رؤيتها عند تجوّلك في المدينة المعبد الإمبراطوريّ وهو عبارة عن مقبرة بابها مزين بنقوش جميلة يبلغ ارتفاعه خمسة أمتار ونصف وعرضه ثلاثة أمتار ويوجد داخله أروقة مستديرة وحنايا وأقواس.
وحين تفرغ من تجوالك وسط المدينة لا بد أن تتجه إلى الحمامات التي قام ببنائها الإمبراطور فيليب لإعطاء المدينة جوا أكثر متعة، ويوجد بالقرب من هذه الحمامات الدارة الرومانية التي أقيم فوقها متحف شهبا الأثري الذي يعد من أشهر محطات الجذب السياحي ويزخر بعدد من القطع البازلتية والتماثيل وجراراً فخارية تعود للعصر الروماني ومنحوتة لرأس فيليب العربي من الحجر الكلسي الأبيض “المرمر” ولوحات فسيفسائية من أجمل اللوحات في العالم.
خزامى القنطار.. تصوير حسان السمارة