شارك
|

أول مختارة في "حلب"

تاريخ النشر : 2022-06-04

اعتاد الحلبيون رؤية رجال أحيائهم وهم يتسابقون ويتزاحمون لترشيح أنفسهم لتسلم مهام المخترة في الأحياء، نظراً لما لهذه المهنة من مسؤوليات وتوابع إدارية وخدمية لا يقدر على تنفيذها سوى الرجال.

قد تبدو هذه قاعدة عامة، لكن استثناءها كان على يد السيدة "كارول جوزيف جانجي" التي أقدمت على ترشيح نفسها لتسلم مهام المختار في حيها "الهزازة" وتوابعه، وأكملت المفاجأة بقبول ونجاح ترشيحها وتسلمها لتلك المهمة.

 

بنت المختار:

"كارول" تعرف الكثير من التفاصيل عن مهنة المختار  من خلال عمل والدها  المختار السابق لحي "النيال" و"الحميدية"، حيث بقي في هذه المهمة لمدة طويلة، وكان يعرفه جميع أبناء الحي، وكانت في كثير من الأوقات تذهب معه لمكتبه وتجلس بجانبه، وتتابع طريقة تعامله الخاصة مع أهالي الحي، ومن أهم ميزاته وصفاته التي كان يتحلى بها الهدوء والتعامل الأبوي والأخوي مع الجميع حيث يستقبلهم ويودعهم بالكلمة الطيبة والابتسامة، ويحرص على حل مشاكلهم الخاصة والعامة بروح مرحة، وبقي والدي في مهامه حتى عام 2013، ونتيجة ظروف الحروب واشتداد المرض عليه لم تعد لديه القدرة على الدوام في مكتبه، فقام بنقل كل مهام عمله لداخل منزله القريب من مكان المخترة، وهنا أصبحت كارول بمنزلة الساعد الأيمن له باستلام المعاملات من أبناء الحي، والاطلاع عليها وكيفية إنجازها بشكل صحيح، حتى كانت وفاته في نهاية عام 2015».

الحلم يتحقق

ظل هاجس وشغف تسلم مهام المخترة في الحي الذي كان يعمل به والدها، عالقاً داخل أعماق الصبية الحالمة "كارول" لذلك لم تتردد لحظة واحدة في تقديم أوراق ترشحها لدخول هذه المهمة، كان ذلك في عام 2016 لتتم الموافقة على ترشحها في الشهر الثالث من عام 2017.

 

 
تقول المختارة: "منذ بدء تكليفي كنت في غاية الحماسة والنشاط والسعادة للتصدي للمهمة، ووضعت نصب عيني تقديم الخدمات المتنوعة لأبناء الحي والبالغ عددهم ثلاثة آلاف عائلة موزعين على أربعة أحياء متلاصقة هي "الهزازة" و"السيد علي" و"النيال" و"قسطل حرامي" .

خدمات ضرورية

وتعدد "كارول" أهم الخدمات التي يحتاجها أبناء الحي من (اخراجات قيد - وشهادات تعريف - وولادة ووفاة - سندات إقامة)، وحرصت المختارة في بداية تسلم مهام عملها وبالتعاون مع أعضاء لجان الحي، على ترتيب وتنظيم كل الأمور الخدمية لأبناء الحي بعدالة وخاصة في توزيع المحروقات من (مازوت وغاز)، ومتابعة وتصوير الأبنية والأنقاض الخطرة وإعلام لجنة السلامة العامة بالمحافظة عن تلك الأبنية وضرورة معالجتها، وكذلك الاهتمام بأمور النظافة والصحة في الحي، والتواصل مع مجلس المحافظة لأجل رش المبيدات للقوارض والحشرات، والذهاب للمدارس ومساعدتهم على تأمين المياه النقية لخزانات مياه الشرب، وحضور اجتماعات أولياء الطلاب لمساعدتهم وإيصال همومهم والمعوقات للجهات المسؤولة وإيجاد الحلول لها.

تكرار التجربة

وترى "كارول"  أن في بلادنا المرأة طموحة وذكية وذات شأن ورفعة، حيث وصلت وتقلدت أهم المناصب السياسية والعلمية والاجتماعية في مفاصل الدولة، وأثق تماماً بأن الكثير من النسوة مثلي من أبناء بلدي لديهن القدرة على تحمل المسؤولية والصعاب، وتقديم الخدمات لأبناء المجتمع، وأنصح أي سيدة لديها الدافع والحماسة والنشاط أن لا تتردد بالعمل وتكرر تجربة تسلم مهام المختار، فالغالبية من أبناء مجتمعنا سيكونون عوناً لها وفي جانبها لتقديم المساعدة عند الحاجة، شريطة أن تتمتع بالحياد ومحبة وثقة أبناء الحي، وفي مثل هذه أجواء لا شك أن النجاح سيكون حليفها مهما كانت العوائق والصعوبات».

 

يذكر أن المختار "كارول جوزيف جانجي" هي من مواليد مدينة "حلب" لعام 1974 دارسة في كلية الاقتصاد.

 

عدد القراءات: 5953