شارك
|

أقدم كنيسة مريمية في العالم_ متحف طرطوس

تاريخ النشر : 2022-08-29

مهند حسن

 

تقف الكاتدرائية الصليبية التي تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي شاهداً على مرحلة مهمة جداً في تاريخ سورية.

 


الكاتدرائية بنيت على أنقاض كنيسة تُعد أقدم كنيسة مريمية في العالم كُرست للسيدة العذراء، وقد وضعت قيد الإنشاء من عام 1123م حتى عام 1130م.

 


"صبا عمران" مديرة متحف طرطوس تحدثت لـ موقع المغترب السوري عن تاريخ الكاتدرائية، وقالت: "في عام 387م ضرب مدينة طرطوس زلزال مدمر فتهدمت الكنيسة وكل مايحيط بها باستثناء المذبح والأيقونة، واعتبر الحادث عجائبياً وأصبح الناس يتوافدون على المكان لقدسيته. ولكون الكنيسة موضع تقدير كبير فقد أطلق عليها اسم كنيسة الحجاج وسيدة طرطوس."

 


وأضافت: في بداية الاحتلال الصليبي للمدينة عام 1102م اهتم الصليبيون بالكنيسة وظلت على حالها حتى عام 1220م حيث تم بناء القسم الأجمل والأكبر منها وألحقت هذه الكنيسة بالكاتدرائية التي بدأ ببنائها عام 1130م.

 


وتابعت: في عام 1840م حوّلت الكاتدرائية إلى جامع وأضيف إليها محراب في الجدار الجنوبي للكاتدرائية ومئذنة في الزاوية الشمالية الغربية من سطح البناء، ثم إلى ثكنة للجيش التركي.

 


أما في عام 1920م جعلها الحاكم الفرنسي مأوى للاجئين، وفي عام 1956م أصبحت متحفاً محلياً لمحافظة طرطوس وسجلاً أثرياً بالقرار رقم 8/آ تاريخ 14/1/1958م.

 

 

الوصف المعماري

 


تتألف الكنيسة من أربعة أروقة مقببة بقنطرة نصف أسطوانية حادة تمتد نحو الشرق برواق قصير ينفتح على صدر الكنيسة بعد قبة نصفية، وللأروقة الجانبية نفس التركيب، كذلك. يوجد في كل ضلع من الأروقة الجانبية نافذة، وتنير صحن الكنيسة المركزي من الشرق نافذة المحراب، ومن الغرب ثلاث نوافذ، العليا من بينها أصغر من الاثنين الآخرين بإضافة إلى نوافذ أحدثت في القرن الثالث عشر في القبة.

 

 

وتأخذ الركائز شكل الصليب مع الأعمدة على الجوانب ودعامات السقف المزدوجة ويبرز إطار نافر على طول الجدران الشمالية والجنوبية كما في المحراب. ونجد أيضاً على القسم الأكبر من جدران الأروقة الجانبية شريطاً مزخرفاً يمر تحت متكأ من النوافذ.

 


للعمود القائم في شمال صحن الكنيسة بين الرواقين الثاني والثالث صفات خاصة: فهو يتألف من قاعدة مكعبة الشكل طول ضلعه أربعة أمتار، تسند أعمدة تدعم القبة في طرف الكنيسة، وفي القاعدة باب يفتح باتجاه الشمال ويظهر مباشرة في الرواق الشمالي، ويشكل ذلك مع قسم صغير من الذراع الشمالي معبداً كان في القرنين الثاني والثالث عشر بمثابة مقصد للحجاج لأنّه -كما يروى – هو المذبح الذي بناه القديس ((بطرس)) وفيه أيضاً كانت توجد-كما يروى- أيقونة العذراء للقديس ((لوقا)).

 

 

ودعمت القاعدة المكعبة بزيادة طولها 40سم نحو الغرب. وسمح ذلك أن تقام فوق الركيزة دعامة تسند القنطرة الكبرى للجناح عندما يتم إنجاز البناء بشكُله الكامل، ويضم الجناح الجنوبي خزان ماء مبني بالحجر، يصل إليه ماء المطر بواسطة ميازب ممتدة على جدار الرواق لم تزل آثارها باقية، وهي ذات ثلاثة مداخل، واحد رئيسي في الواجهة الغربية ومدخلان جانبيان ينفتح أحدهما على ذراع الكنيسة الطولاني الشمالي عن يسار الزائر الداخل إلى الكاتدرائية، وينفتح الآخر على الذراع الجنوبي للزائر، وقد زين هذا الأخير منهما بنقش ناتئ مماثل لنقش نوافذ الواجهة.

 

 

الزخارف المنحوتة

 

 

أما عن الجوانب فقد بينت "عمران" بأنّها نحتت الجوانب الظاهرة فقط من تيجان الأعمدة، ونمط جميع تيجان الأعمدة "نمط كورنثي" مع وردة في الوسط يحل محلها أحياناً رأس بشر صغير لقديس أو لأبطال بعضهم بأجنحة، وإنّ كل التيجان التي نشاهدها على دعامات الجناح وعلى أعمدة الأروقة وعلى الأعمدة المستندة على الجدار الغربي تعود إلى منتصف القرن الثالث عشر أو بعد ذلك ببضع سنوات.

 


أما قباب الزوايا البارزة للأروقة الجانبية ((قفل إغلاق)) دائرية الشكل منحوتة بشك بارز، ويمثّل أوراق أشجار ويرجع تاريخه إلى القرن الثالث عشر ميلادي.

 


ونجد في صدر الهيكل الشمالي خمس صور منحوتة بشكل بارز، أحدها تمثّل حمامة الروح القدس، والأربعة الأخرى تمثّل رموزاً لأصحاب الأناجيل الأربعة.

 


كما نلاحظ وجود برجين مستطيلين على زوايا طرف الكنيسة في كل منها حجرة تستخدم للتعبد وللدفاع معاً، ويتم الوصول إلى الطابق العلوي للبرج الشمالي الشرقي عن طريق سلم حلزوني ودهليز أقيما في جدار الهيكل.

 


وخلف الواجهة الشمالية توجد حجرة مقببة ذات زوايا نافرة تحملها قناطر عند مستوى الأرض وفي أعلاها نوافذ مستطيلة ويقود السلم إلى ظهر المعبد. وقد قام البابا ((كليمونت الرابع)) بتقوية طرف الكنيسة (خلف المذبح الكبير)، وتم أيضاً تقوية البرجان وزيادة سماكة صدر الكنيسة المركزي بحائط مستطيل، وتبرز نتوءات زوايا متوسطة بين البرجين، ويُعتقد (أنلا) أنه تم بناء برجين على الواجهة الأمامية للكاتدرائية وبهذا تظهر كاتدرائية طرطوس بأبراجها الأربعة بمظهر قلعة طولها40م وعرضها 27م.

 

 

ويحتوي المتحف على معروضات أثرية داخل مبنى الكنيسة، ومعروضات في حديقة المتحف، أما ما هو ضمن المتحف فهو موزع ضمن خزائن ومعروضات إفرادية مرتبة حسب المواقع.

 


ومنها مجموعة تماثيل رجال ونساء يقدمون قرابين لآلهة المعبد جلبت من منطقة عمريت (ماراتوس) في القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد.

 


كم توجد مجموعة أدوات برونزية وفخاريات وأختام من موقع تل كزل من العصور: الحديدية ـ الفارسية ـ الهلنستية.

 


بالإضافة إلى قوارير وأباريق وأكواب وفخاريات وسرج تعود إلى العصور اليونانية والرومانية والبيزنطية (المنطقة الساحلية)، ومجموعة من القطع الأثرية المصادرة.

 


ويوجد ثلاث لوحات فسيفسائية من العصر الروماني هي: بوسيدون إله البحر، راع أمام قطيعه، وامرأة في وضعية الجلوس تمثّل إلفيوس ربة الخصب والطبيعة تحمل بيدها اليمنى قرن الخصب، وهذه اللوحات من منطقة جبلة.

 


ومن المقتنيات المميزة الإله بعل الفينيقي إله المطر والسحاب والعاصفة من الحجر البازلتي الأسود، يعود إلى القرنين السابع والثامن قبل الميلاد من منطقة قدموس (القضبون).

 


وتابوت رخامي روماني من القرن الثاني الثالث الميلادي، نقش عليه في الوسط ايروس إله الحب والإله ديونيسيوس إله الخمر على الزاويتين الداخليتين، أما الخارجيتين فيوجد نقش الربة أثينا إلهة الحرب.

 


بالإضافة إلى مجموعة هامة من التوابيت الإنسانية الشكل منها رخامي تعود إلى نهاية القرن الخامس – بداية القرن الرابع قبل الميلاد، وواحد من حجر البازلت ما زال قيد الدراسة.

 

 

 

 

 

 
 


عدد القراءات: 5477