بقلم : أمين عوض
إليكي يا أيتها الجميلة في قاموس الله أكتب ما تبقى لعاشق من كلامٍ مباح في حالك الأيام البعيدة عنك.
قبل أعوامٍ خلت كنت هناك أجوب الحارات، و الشوارع، ابتسم للجميع ذاك الجميع المنتشي بسحر الأمور الخاصة التي كانت تميز المكان آنذاك.
هناك في سورية_ حيث يدورُ الزمان و لا ينتهي _ ما من تكلفٍ في جمال تلك البلاد، أشياءٌ بسيطة للغاية تلك التي أذكرها عنك أيتها الفاتنة بكل ما للكلمة من معنى.
مازالت حتى اليوم مراهقاً في حبك، مرورك في أي زقاقٍ لذكرياتي يسبب لي هبوط السكر، أتجنب الحديث عنكِ أمام مرآتي لكي لا تقول لي أنك الأجمل بين نساء الأرض.
تصاب رجولتي في الصميم عندما تتناهى إلى مسامعي كل تلك الأمور البشعة التي تتعرضين لها، و أتذكر ميلينا تلك المرأة الإيطالية التي تكالب عليها الجميع بعد رحيل حبيبها و زوجها في حرب الدوتشي الغبية.
بالأمس فقط كنت ماراً بالقرب من أحد المحال المتناثرة في الشارع الذي أقيم فيه هنا، و إذ برجلٍ يتحدث على الهاتف و يقول:" طيبة شوربة العدس منيحة بالشتي ...هيك كانت تقول أمي لأنو الشتي تحت بسورية بارد".
اقتربت منه و قبل أن يلاحظ أسرعت مبتعداً، لا أريد أن أعرف أنها متألمة، لم أشأ أن أعلم أنها استنفذت كل علب كبريتها و تؤدي مشهدها الأخير.. سأعود إلى غرفتي الصغيرة هناك في حقيبتي أملك صوراً كثيرة لنا على شاطئ اللاذقية في صيفٍ مضى، سأقلبها، أريدُ أن أراها سعيدةً مبتسمة دافئة تقضي كل يوم و كأنه الأخيرة، فلا تكترث إلا بمزيدٍ من الشغف حول علاقاتنا التي تعلم أنها ستكون فيها طرفاً أضعف في أحد الأيام.
لم يكن يعنيكي كل سلبياتي، لم يكن يعنيكي حجم المنزل و شكل الأثاث و كيف سنعيش و من أين، لم نتحدث في تفاصيل كهذه في أي يوم، سؤالٌ وحيد كنت ترددينه على الدوام، هل ستأتي اليوم، هل سنتمشى مساءً على الحجر العتيق، هل ستهديني من ياسمين القشلة عقداً آخر، تعلم شغفي بالقهوة التي تعلوها الرغوة فتصنعها لي في كل صباح.
سورية...غداً سيكون للعشاق حول العالم ليلتهم الخاصة، أما أنا فسأشعل شمعةً لقديسي الأرض و السماء، و أتلو صلاةً لأكون محبوبك الوفي الذي يقرع الباب قريباً، منهياً بذلك فصلاً مظلماً من علاقتنا الأزلية، عائداً لكل الحب الذي كنتي تمثلين في وجداني، فأنا لكِ و أنتي لي و نحن الليلة الثانية بعد الألف التي سترويها شهرزاد لشهريار، فتصمتُ بعدها عن الكلام المباح .